الإيكونوميست المصرية
هل تعانون من هدر الوقت بشركاتكم؟……………….. بقلم: جو راعى

هل تعانون من هدر الوقت بشركاتكم؟……………….. بقلم: جو راعى


بقلم: جو راعى
شريك فى “بين أند كومبانى الشرق الأوسط”

تؤدى العمليات الروتينية غير المنتجة والبيروقراطية المؤسسية و”البيروقراطية الإدارية” إلى قتل الطموح واستنزاف طاقة عدد كبير من الموظفين، الأمر الذى يسهم فى إضعاف معنوياتهم وهدر الوقت فى الشركات التى تحتاج إلى ضرورة الالتزام التام والطاقة الكاملة من جميع موظفيها.
فبعد مضى عام على عملهم فى الشركة، كم من الموظفين لا يزال لديهم نفس الطاقة والحماس التى كانت لديهم فى اليوم الأول من توليهم لوظائفهم؟ وكم من الموظفين لا يزالون يعتقدون أنه بإمكانهم إحداث فرق فى العمل وأن يشكلوا إضافة للشركة؟
لا شك أن الحماس الذى يرافق الموظفين عند توليهم لوظائف جديدة سوف يزول مع مرور الوقت، لكن مع ذلك يستطيع الموظفون المحافظة على نشاطهم فى حال قامت الشركات بعلاج الأسباب الحقيقية لتراجع الأداء المؤسسى، أى التعامل بشكل مسئول مع كافة الممارسات والإجراءات التى تهدر الوقت وتحد من الإنتاجية، وليس معالج الأعراض فقط. فالأعراض قد تبدو مشاكل بسيطة يمكن حلها دون بذل الكثير من الجهد والقيام بعمليات واجتماعات التى لا معنى لها، وإهدار الوقت على عمل لن يهتم به أحد.
إلا أن هذه الأعراض تنبع من مشاكل أساسية، فالشركات تقع فى مشاكل وتهدر وقت ومواهب وطاقة قواها العاملة عندما تفقد التركيز وتنفق الأموال على الأشياء التى لا تحدث فرقا بالنسبة للموظفين أو مستقبل الأعمال، وتتبع أساليب عمل ونماذج تشغيلية غير ملائمة.
ومن خلال معالجة الأسباب الجذرية لتراجع الأداء المؤسسى، يمكن للشركات التخلص من الأعمال غير الضرورية وإعادة النشاط للموظفين، وفى نفس الوقت، وضع أعمالها على مسار أفضل، حيث يمكنها القيام بذلك من خلال اتباع الأمور الثلاثة التالية:
– إعادة التركيز على الأولويات الاستراتيجية
– إعادة ضبط الميزانيات
– إعادة تصميم النموذج التشغيلى
ويمكن من خلال تنفيذ هذه الخطوات معا التخلص من حالة الفوضى والتشتيت التى تتسبب فى تراجع الأداء المؤسسى.
إعادة التركيز على الأولويات الاستراتيجية
تتمثل الخطوة الأولى فى إعادة تركيز المؤسسة اهتمامها بوحدات الأعمال الأكثر أهمية، وقطاعات العملاء والمناطق الجغرافية التى يمكن للشركة فيها تطبيق صيغة نمو قابلة للتكرار، والقدرة على الانخراط فى الأسواق التنافسية. فضمن وحدات العمل، ينبغى على المديرين التنفيذيين التخلص من أى أصول غير مربحة. ومن خلال إلقاء نظرة عن قرب، ستجدون أن معظم الشركات قامت بتوسيع علاماتها التجارية ومحافظ منتجاتها لتصل إلى العملاء والأسواق التى لا تحقق فيها ميزة تنافسية عن غيرها ولا تحقق فيها الأرباح المطلوبة. ومن شأن هذه العمليات أن تؤدى إلى مزيد من التعقيد، ما يساهم فى تراجع الأداء المؤسسى وزيادة التكاليف، الأمر الذى يفقد الشركات أفكارا أفضل وربما أكثر ربحية.
فعلى سبيل المثال؛ تتنافس شركات الأدوية الكبرى فى العديد من فئات المنتجات الدوائية، إلا أن ذلك قد يؤدى إلى انخفاض فى عوائد المساهمين. وتعتبر عمليات الحد من تراجع الأداء المؤسسى إجراء إداريا شجاعا. ومع أنه من المرجح أن تعانى الشركة من بطء النمو خلال المرحلة الانتقالية، إلا أن النتيجة النهائية ستكون محفظة أعمال أكثر ربحية تركز على النمو. وغالبا ما تستخدم الشركات عمليات الفصل المؤسسى من أجل التخلص من الأقسام بطيئة النمو أو الأقل ربحية أو الأقل ملائمة لاستراتيجية أعمالها. ولكن فى حال لم تقم الشركات أيضا بمعالجة العوامل الأساسية التى أوصلتها إلى هذه المرحلة، فإن أداءها سيكون دون التوقعات على المستويين الداخلى والخارجى.
إعادة ضبط الميزانيات
يمكن أن تسهم كيفية تمويل الشركات لبرامجها ومشاريعها فى تراجع الأداء المؤسسى، وذلك عن طريق الاحتفاظ بالأعمال غير الضرورية. إلا أنه ليس من السهل اتخاذ القرارات الصعبة بخصوص وقف التمويل.
ونحن ننصح بتبنى الموازنات القائمة على أساس التعادل ووضع الخطط اللازمة لجعل الخيارات أكثر وضوحا فى هذا الإطار، حيث من شأن ذلك أيضا أن يساعد على التغلب على المعضلة التى تواجهها الشركات عادة خلال قيامها بحذف بنود من الموازنة. فهل ينبغى على الشركات التخلص من الأعمال ومن ثم تخفيض الميزانيات التى تسببت بهذه التكاليف، أم يجب عليها تقليص الميزانيات لاستبعاد الأعمال غير الضرورية؟. وفى حين أن الطريقة السابقة هى الأكثر ملائمة من منظور إدارة التغيير، إلا أننا عادة ما نجد أنها تؤدى إلى إحداث تغيير تدريجى فقط. وهذا هو السبب فى تفضيل طريقة الموازنة القائمة على أساس التعادل.
وتتحدى عملية الموازنة القائمة على أساس التعادل والتى تستخدم أهدافا ممتدة، التفكير التقليدى كما أنها تتيح أفكارا أكثر جرأة. فالشركات التى لديها بعد نظر ستقوم بإجراء هذا التغيير قبل نظيراتها فى السوق أو قبل أن يطالب المستثمرون بهذا التغيير. ويمكن للموازنة القائمة على أساس التعادل أن تعيد ضبط هيكلية التكاليف وكذلك عدم المساس بالتكلفة مع مرور الوقت.
إعادة تصميم النموذج التشغيلى
بعد تبسيط المحفظة وإعادة ضبط الميزانيات، من المهم إعادة تصميم النموذج التشغيلى، أى الطريقة التى تعمل بها الشركة لتنفيذ استراتيجيتها بغية التخلص من أى عمل غير ضرورى أو عمليات غير منتظمة تعمل على تعطيل الأمور. وهنا يمكننا أن نسأل، كيف يمكن لهذا النشاط أن يساعد عملاءنا بشكل أفضل؟ فى الحقيقة يمكن للشركات البحث عن التعقيدات وأوجه القصور التى غالبا ما تكون فى ثنايا العمليات المؤسسية، سواء فى الأنشطة متعددة الوظائف أو الجغرافيا أو وحدات الأعمال، حيث لا يوجد لدى أى مدير تنفيذى أو فريق عمل درجة واحدة من المسئولية. وهناك فى كل مؤسسة أوجه قصور، وهذه هى المجالات التى يمكن فيها إجراء التحسينات وإعادة التصميم. وحيثما توجد أوجه قصور فى العمليات الجارى تنفيذها، يجب على الشركات النظر فى عمليات التوسع أو اتباع النهج المركزى أو الاستعانة بمصادر خارجية.
ولأن المؤسسات تقوم بتنفيذ عمليات رسمية وغير رسمية، ينبغى على المديرين التنفيذيين البحث عن التعقيدات والهدر فى كلا المجالين. فالعمليات والنظم الرسمية تحافظ على أساليب العمل ومن السهل التعامل معها بشكل منهجى، لكن العوامل المخفية وغير الرسمية التى تتسبب بتراجع الأداء المؤسسى فيتم التغاضى عنها، حيث غالبا ما تكون هذه العوامل سلوكية الطابع مثل كيفية اتخاذ الفريق الإدارى للقرارات على سبيل المثال.
ولنأخذ كمثال عملية التحول الرائعة فى شركة “فورد”، ففى العام 2006، وضع الرئيس التنفيذى للشركة آلان مولالى وفريق عمله من كبار المسئولين مسارا استراتيجيا جديدا وقاموا بتطوير النموذج التشغيلى للشركة، حيث انتقلت الشركة من التركيز على وحدات الأعمال الإقليمية إلى تبنى نموذجا وظيفيا عالمى المنحى، ما مهد الطريق لعمليات أكثر كفاءة وفعالية، مثل تقليل عدد منصات السيارات. كما طرأ تغيير على العملية الإدارية والسلوكيات أيضا، حيث حث مولالى على النقاش المفتوح والنزاهة فيما يتعلق بأماكن ظهور المشاكل. كما قام بتشجيع فريقه على تبسيط الطرق التى يعملون بها، والتخلص من الاجتماعات غير الفعالة، وتوفير آلاف الساعات غير المنتجة. وبفضل تبنيها لاستراتيجية جديدة وإعادة تصميم نموذجها التشغيلى، عادت شركة “فورد” إلى تحقيق الأرباح دون مساعدة من دافعى الضرائب الأمريكيين.
ويمكن بعد اتباع هذه الخطوات الثلاث، الارتقاء بأداء الشركات من خلال خلق بيئة تعمل على تحويل طاقات الموظفين وإبداعاتهم إلى مزيد من الإنتاجية، حيث يمكن لذلك أن يساعد على تحرير النقد ورأس المال لتمويل فرص نمو جديدة ومكافأة المواهب، والوصول إلى مستويات جديدة من الأداء المؤسسى، حيث سيجد الموظفون العاملون فى هذه البيئة الناجحة أن روح الموظف الجديد يمكن أن تستمر وأن عملهم يغذى طاقاتهم الفردية بدلا من تدميرها.

Related Articles