الإيكونوميست المصرية
هل تنجح الحكومة فى إعادة تشغيل 13 ألف مصنع متعثر؟

هل تنجح الحكومة فى إعادة تشغيل 13 ألف مصنع متعثر؟

ولاء جمال

تسعى الحكومة المصرية لإيجاد حلول عاجلة لأزمة المصانع المتعثرة، التى يبلغ عددها 13 ألف مصنع والتى تعد من أكثر القضايا الشائكة فى المشهد الاقتصادى المصرى، حيث تواجه هذه المصانع أزمات مالية وإدارية وفنية متراكمة أدت إلى توقفها عن الإنتاج.
وخطورة هذه المشكلة لا تؤثر فقط على أصحاب المصانع والعاملين بها، بل تمتد آثارها إلى الاقتصاد ككل، فتؤدى إلى زيادة البطالة، وتراجع الإنتاج المحلى، وارتفاع معدلات الاستيراد. لذلك وضعت الحكومة عدة خطط منذ سنوات لإعادة تشغيل هذه المصانع، لكنها واجهت صعوبات فى التنفيذ حتى الآن.
من جانبه، رأى الدكتور عبد النبى عبد المطلب الخبير الاقتصادى أن أحد أهم العوائق التى تحول دون إعادة تشغيل هذه المصانع هو موقف بعض المنافسين ال1ين لا يريدون لهذه المصانع أن تعود للإنتاج، والذين يعتبرون أن السوق المصرية لا تحتمل ضخ المزيد من المنتجات، وأن إعادة تشغيل المصانع المغلقة قد تؤدى إلى خلق منافسة غير متكافئة. ففى عام 2013، قامت الحكومة المصرية بإجراء دراسات وإحصاءات موسعة لحصر مشكلات المصانع المتعثرة، ووضع خطط لتعافيها، لكن هذه الجهود اصطدمت برفض بعض رجال الأعمال المنافسين الذين أكدوا أنهم تعرضوا لنفس التحديات الاقتصادية، لكنهم استطاعوا الصمود والاستمرار دون دعم حكومى، وبالتالى يرون أن المصانع التى تعثرت لم تكن على مستوى التحديات، وأصحابها لم يبذلوا الجهد الكافى للاستمرار.
وأوضح الدكتور عبد المطلب أن هذا التوجه المناهض لدعم المصانع المتعثرة كان له تأثير كبير، إذ أدى إلى تراجع الدعم الحكومى، رغم تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة على ضرورة إعادة تشغيل هذه المصانع، وضرورة توفير الدعم اللازم لها، إلا أن العقبات لم تتوقف عند معارضة رجال الأعمال المنافسين فقط، بل شملت أيضا تحديات مصرفية، حيث تتردد البنوك فى منح القروض والتسهيلات المالية لهذه المصانع، خوفا من عدم قدرتها على السداد، ومع غياب حلول جذرية واضحة، استمرت الأزمة دون تقدم كبير.
وأكد الخبير الاقتصادى أنه رغم ذلك، لا تزال هناك محاولات للخروج من هذا المأزق، حيث تم بالفعل إعادة تشغيل 50 مصنعا فى إطار الجهود الحكومية المستمرة، لكن هذا الرقم يظل ضئيلا مقارنة بعدد المصانع المتوقفة.
ولذلك رأى أن الحل لا يكمن فقط فى تقديم الدعم المالى، بل يحتاج الأمر إلى خطة متكاملة تشمل إعادة هيكلة هذه المصانع، وتوفير حوافز للمستثمرين الجدد لإعادة تشغيلها، مع تسهيلات ضريبية وإدارية تساعد على خلق بيئة عمل مناسبة.
من جهته، أشار الدكتور صيام الخبير الاقتصادى إلى أهمية دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها العمود الفقرى للاقتصاد، خاصة فى قطاعى الصناعة والزراعة، حيث توفر هذه المشروعات فرص عمل لآلاف الشباب، وتسهم فى زيادة الإنتاج المحلى، لكنه شدد على ضرورة توفير التمويل اللازم لهذه المشروعات، إلى جانب تقديم الدعم الفنى، وتسهيل حصولها على التراخيص القانونية، حتى لا تلجأ للعمل فى السوق غير الرسمية.
كما لفت الانتباه إلى خطورة انتشار الصناعات غير المرخصة، المعروفة بـ”الصناعات تحت بير السلم”، والتى تنتج سلعا غير مطابقة للمواصفات، مما يؤدى إلى إضرار بالسوق والمستهلكين على حد سواء.
ويرى أن الحل الأمثل لهذه الظاهرة هو إدماج هذه المشروعات فى الاقتصاد الرسمى، من خلال منحها تسهيلات قانونية، وتشجيع أصحابها على تقنين أوضاعهم، مما يسهم فى تحسين جودة المنتجات، وزيادة الإيرادات الضريبية للدولة.
وأكد أن التحدى الأكبر يظل فى تحقيق توازن بين دعم المصانع المتعثرة، وضمان عدالة المنافسة فى السوق.
فالدعم يجب ألا يكون بلا شروط، بل ينبغى أن يكون مشروطا بوضع خطط إصلاح واضحة تضمن استمرارية تشغيل هذه المصانع بعد إعادة تشغيلها، حتى لا تعود إلى التعثر مرة أخرى.
كما أن تعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع المصرفى، وتقديم الحوافز للمستثمرين، يمكن أن يكون مفتاح الحل لهذه الأزمة، بما يضمن تحفيز الإنتاج، وتقليل معدلات البطالة، وتحقيق نمو اقتصادى مستدام.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *