الإيكونوميست المصرية
هل يكون تطوير الزراعة الحل لتخفيف أزمة النقد الأجنبى؟

هل يكون تطوير الزراعة الحل لتخفيف أزمة النقد الأجنبى؟

ولاء جمال

تلعب الزراعة دورا أساسيا فى دعم الاقتصاد المصرى، سواء من خلال توفير الغذاء محليا أو تعزيز الصادرات التى تُسهم فى جلب العملة الصعبة.
وشهدت الصادرات الزراعية نموا ملحوظا مع تطور الصناعات الغذائية، حيث بلغت قيمة الصادرات فى عام 2024 نحو 10.6 مليار دولار.
وقال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة: إن مساهمة الزراعة فى توفير العملة الصعبة تتم من خلال الصادرات الزراعية، والتى تنقسم إلى نوعين: الصادرات الخام الطازجة والصادرات الزراعية المصنعة، وكلاهما ينتمى للقطاع الزراعى.
وأشار الدكتور صيام إلى أن السنوات الأخيرة شهدت قفزة كبيرة فى حجم الصادرات الزراعية، سواء الطازجة أو المُصنَّعة، حيث بلغت قيمتها الإجمالية فى عام 2024 نحو 10.6 مليار دولار، مقسمة بين الصادرات الطازجة التى تمثل حوالى 40%، والصادرات المُصنَّعة حوالى 60%.
وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعى أن الصادرات الزراعية المُصنَّعة مثل الطماطم التى يتم تصنيعها إلى صلصة وكاتشب، والعصائر والخضراوات المُجمَّدة والمُجفَّفة، مثل البسلة بأنواعها المختلفة، وغيرها من المنتجات الغذائية التى تدخل فى قطاع الصناعات الغذائية.
أما عن كيفية تنمية هذا القطاع، فأكد الدكتور صيام أن ذلك يتطلب سياسات واضحة واستثمارات وتكنولوجيا متقدمة، مشيرا إلى أن الصادرات الزراعية شهدت نموا بنسبة 20% خلال عامى 2023 و2024، مُرجِعاً ذلك إلى انخفاض قيمة الجنيه المصرى، حيث ارتفع سعر الدولار بشكل كبير، مما جعل الصادرات المصرية أكثر تنافسية فى الأسواق الخارجية.
لكنه شدد على أن الاعتماد على خفض قيمة العملة كوسيلة لدعم الصادرات ليس حلا مستداما، لأنه قد يسبب مشكلات اقتصادية أخرى، لذلك من الضرورى التركيز على تحسين جودة المنتجات لتكون قادرة على المنافسة فى الأسواق الأوروبية والخليجية والأفريقية، والتى تعد الأسواق الرئيسية للصادرات المصرية.
وأشار إلى أن تطوير هذا القطاع يحتاج إلى استثمارات لتوسيع المصانع والمشروعات الإنتاجية، بالإضافة إلى إدخال تكنولوجيا حديثة فى الزراعة والتصنيع الغذائى، موضحا أهمية البحوث الزراعية لتطوير أصناف زراعية ذات إنتاجية عالية وجودة تنافسية.
من جانبه، ذكر الدكتور عبد النبى عبد المطلب، الخبير الاقتصادى أن مصر تعد من أكبر الدول المستوردة للغذاء، حيث تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجاتها الغذائية، ويعتبر القمح أحد أهم السلع المستوردة، إذ تحتاج مصر سنويا ما يتراوح بين 3 إلى 5 مليارات دولار لسد احتياجاتها من القمح فقط.
لذلك وضعت الحكومة خطة زراعية مدروسة يمكن أن تسهم فى تقليل الاعتماد على الاستيراد، ليس بالضرورة لتحقيق الاكتفاء الذاتى الكامل، وإنما على الأقل لزيادة نسبة الاكتفاء الذاتى وتقليل الفجوة الغذائية.
وأكد الخبير الاقتصادى أنه يمكن خفض نسبة استيراد القمح من 50% إلى 25% من خلال برامج تهدف إلى زيادة إنتاجية الفدان ورفع كفاءة الزراعة.
أما بالنسبة للزيوت، فإن مصر تستورد حوالى 95% من احتياجاتها، وهو ما يشكل عبئا كبيرا على فاتورة الاستيراد، مؤكدا أن التوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية مثل عباد الشمس وبذور القطن واستخراج الزيوت من الذرة، يمكن أن تساعد فى تقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يؤدى إلى تخفيف الضغط على الميزان التجارى المصرى، وتوفير جزء من العملة الصعبة، وتقليل الضغوط على الجنيه المصرى.
وأشار الدكتور عبد المطلب إلى أهمية ربط القطاع الزراعى بالصناعات الزراعية والغذائية، بحيث لا يقتصر دور الزراعة على الإنتاج الخام، بل يتم استغلال المحاصيل فى الصناعات التحويلية، مثال زراعة عباد الشمس يجب أن تتبعها صناعة استخلاص الزيوت منه، وهو ما يعزز القيمة المضافة للمنتج الزراعى.
وأكد الخبير الاقتصادى أن القطن المصرى يمثل ثروة زراعية وصناعية، حيث لم يقتصر استخدامه على إنتاج المنسوجات فقط، بل كان يتم استخراج الزيت من بذوره، واستخدام القشرة الخارجية كعلف، وتصنيع الملابس والمنسوجات منه، الأمر نفسه يمكن تطبيقه على محاصيل أخرى مثل الكتان، والنباتات الطبية والعطرية مثل الياسمين التى يمكن تحويلها إلى عطور ومنتجات تصديرية ذات قيمة عالية.
وأضاف الدكتور عبد المطلب أنه فى حالة وضع خطة زراعية تركز على احتياجات السوق المحلية، سواء من الغذاء أو المواد الخام للصناعات المختلفة، فإن الزراعة يمكن أن تلعب دورا محوريا فى تقليل الطلب على النقد الأجنبى، فضلا عن فتح مجالات لتصدير المنتجات الزراعية والصناعية الزراعية، مما يسهم فى زيادة تدفق العملة الصعبة وتعزيز الاقتصاد الوطنى.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *