الإيكونوميست المصرية
وسائل التواصل.. انتظروا الأخطر… بقلم: محمد فاروق

وسائل التواصل.. انتظروا الأخطر… بقلم: محمد فاروق

محمد فاروق

وسائل التواصل الاجتماعى تحولت من مجرد تسلية للشباب على الموبايل إلى مصدر دخل، وهنا ازدادت الأمور سوءا، ففى البداية كانت مشكلة وسائل التواصل الاجتماعى تكمن فى أنها تحمل فى معظم الأوقات شائعات وأخبارا بها العديد من المغالطات لأن مصدرها غير مسئول أو غير متخصص فى المجال الذى يطلق فيه آراءه.
أما الآن وبعد أن تحولت إلى مصادر دخل فالأمور اختلفت وازدادت تعقيدا، فلم يعد رواد وسائل التواصل الاجتماعى من فيسبوك وتيك توك وتويتر وإنستجرام ، مجرد أشخاص هواة يرفعون أخبارا أو صورهم الشخصية أو فيديوهات، بل صاروا محترفين يمتهنون هذه المهنة التى يجنون منها أموالا فى بعض الأحيان تكون طائلة.
لذا صارت القضية معقدة ومركبة، فالمواد التى يطلقونها ليس عليها أى رقيب أو مراجع بالمعنى المطلوب.
وهدفهم الأساسى هو تحقيق أكبر نسبة مشاهدة ممكنة لتحقيق أعلى دخل، فكلما زادت أرقام المشاهدة زادت الأموال التى يحصلون عليها، لذا أصبحت هذه المواد تعتمد على الإثارة بشتى أنواعها وتقديم كل ما هو غريب، أيا كان، للفت انتباه المتلقى.
أما بالنسبة للمتلقى، فأصبح هناك شبه إدمان للتعرض لتلك المواد التى لا تحمل أدنى فائدة، بل إن الكثير منها قد يتضمن العديد من المواد لا تتناسب مع المبادئ والقيم والأخلاق، ناهيك عن الوقت المهدر الذى يضيع هباءً بالساعات.
المشكلة الكبيرة أن هذا الوضع الجديد خلق جيلا جديدا من الشباب لا يسعى لتطوير نفسه أو اكتساب مهارات جديدة تؤهله لسوق العمل، بل أصبح شغله الشاغل هو جنى الأموال من التيك توك والفيسبوك وخلافه، فبطريقة سهلة صار يجنى أموالا كثيرة.
هذا إلى جانب الأشخاص الذين يلجأون إلى الطرق غير المشروعة من عرض مواد منافية للآداب العامة متضمنة إيحاءات جنسية وعُرى وخلافه، كما أن هناك العديد من الفتيات اللاتى لجأن لتلك الوسائل من أجل التحريض على الفسق والفجور، ومنهن من تم بالفعل إلقاء القبض عليهن بعد ارتكاب تلك الجرائم.
والأمر الذى يدعو للتأمل والتفكير العميق هنا هو أولا: تعمد مخترعى وسائل التواصل الاجتماعى الظهور من خلال الموبايل حتى يكون الشخص مقترنا تماما مع المواد المعروضة لا يفارقها نهائيا أينما كان. ثانيا: الإنترنت يعتبر من الخدمات رخيصة الثمن نسبيا بل وفى كثير من الدول يقدم كخدمة مجانية. ثالثا: تحسين وتطور خدمات التصفح على وسائل التواصل الاجتماعى وخاصة الفيديوهات بحيث يتم عرضها بشكل مستمر، فبمجرد انتهاء فيديو يتم عرض الآخر دون أدنى مجهود أو اختيار من المتلقى، وهكذا. رابعا: الإغراءات والمبالغ التى يتلقاها صانعو المحتويات والتى جعلت الجميع يتهافت على التيك توك وصنع فيديوهات بغزارة.
بمعنى آخر المتلقى صار مثل الأسير الذى وقع فى فخ الموبايل ووسائل التواصل الاجتماعى والمواد المعروضة الضخمة جدا، بل ويتم تسهيل كل السبل للوصول لهذا الوضع، فلماذا؟
أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال ستظهر خلال الفترة المقبلة، فبعد أن أصبح هناك جيل كامل أسيرا لما يتم تقديمه ومتقبلا بدون تفكير لتلك المواد ومهيئا تماما لتلقى الرسالة الأساسية، قد تكون الفرصة أصبحت مواتية الآن للإعلان عن الهدف الحقيقى وراء ذلك وهو الأخطر من كل ما مضى.
سننتظر لنرى.. فالأيام ستكشف لنا خلال الفترة المقبلة الهدف الأساسى وراء السيطرة الكاملة من قبل الموبايل ووسائل التواصل على عقلية هذا الجيل، فالمسكوت عنه أضخم وأخطر بمراحل من المصرح به حتى الآن.
حفظ الله أولادنا وبلادنا من أى سوء.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *