الإيكونوميست المصرية
كيف تواجه مصر التضخم؟

كيف تواجه مصر التضخم؟

فاطمة ابراهيم
سجل معدل التضخم السنوى لشهر مارس 2022 نحو 12.1 % بما يفوق مستهدفات البنك المركزى التى تدور حول (2±7)%، مما دفع البنك المركزى لرفع العائد على العملة المحلية بـ 1% بالإضافة إلى طرح شهادات استثمارية بعائد 18% من خلال بنكى الأهلى المصرى ومصر.
فهل نجح البنك المركزى فى السيطرة على التضخم؟ وما الآليات الأخرى التى تسرع من تحقيق هذا الهدف؟
أكد المصرفيون أن رفع الفائدة يعد أهم أدوات السياسة النقدية للبنك المركزى لاحتواء التضخم، وهذا اتجاه عالمى وليس فقط على المستوى المحلى حتى أن الفيدرالى الأمريكى، والبنوك المركزية الأوروبية رفعت أسعار الفائدة فى محاولة للسيطرة على التضخم.
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى رفع أسعار الفائدة بواقع %1 على سعرى الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بالبنك المركزى إلى 9.25%، 10.25%،9.75% على الترتيب، كما رفع سعر فائدة الائتمان والخصم ليصل إلى 9.75%.
وأشار المصرفيون لـ”الإيكونوميست المصرية” إلى أن الإجراءات التى أعلنها البنك المركزى تهدف إلى امتصاص جزء من السيولة المتاحة فى السوق المحلية، وذلك فى إطار إجراءات وقف معدلات التضخم التى تواصل الارتفاع منذ بداية العام الحالى، لافتين إلى أن شهادات 18% جذبت ما يتجاوز 500 مليار جنيه خلال شهر من طرحها، وساهمت أيضا فى تنازل الأفراد عن الدولار، وربط إيداعاتهم بشهادتى الأهلى المصرى ومصر، بما يعزز من قيمة الجنيه وتخفيف الضغط على الدولار.
واقترح المصرفيون عددا من الآليات، بجانب سياسة رفع الفائدة، يمكن اللجوء لها للحد من التضخم من بينها ترشيد الاستيراد حيث إن هذا التضخم مستورد من الخارج لارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج، وكذلك رفع نسبة الاحتياطى القانونى التى تحتفظ بها البنوك لدى البنك المركزى، وتفعيل أدوات الرقابة على الأسواق، والتسعير الجبرى لبعض السلع الأساسية كما حدث فى منظومة الخبز، ففى وقت الأزمات يمكن اللجوء إلى فرض بعض الإجراءات الاستثنائية حتى وإن تعارضت مع نظام السوق كما حدث وقت الكساد العظيم فى أمريكا.
وقال طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى إن التضخم المستورد من الخارج هو سبب قرار رفع أسعار الفائدة، مشيرا إلى أن هدف إصدار شهادات بفائدة 18% هو جذب السيولة من السوق وجزء من خطة السيطرة على التضخم.
وأكد محافظ البنك المركزى على ضرورة الحفاظ على استثمارات الأجانب كمصدر للعملة الأجنبية، مضيفا أن البنوك المصرية قوية ومستمرة فى تمويل كافة أوجه التنمية فى البلاد، موضحا أن العملة المحلية شهدت تصحيحا وأن سعرها ينسجم مع التطورات العالمية والمحلية، مضيفا أن التصحيح يعزز قدرتها التنافسية.
وأضاف عامر أن قرارات البنك المركزى التى شملت رفع سعر الفائدة الرئيسية 1%، إنما تستهدف المحافظة على سيولة النقد الأجنبى وحماية موارد الدولة فى ظل الضغوط الاقتصادية الناجمة عن أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.
من جانبه، أشار وليد ناجى نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى المصرى العربى إلى أن رفع الفائدة على العملة المحلية هو أحد أدوات السياسة النقدية التى يستخدمها البنك المركزى لاحتواء معدلات التضخم وكبح جماحه، حيث يساعد ذلك على سحب السيولة من السوق.
وقال ناجى إن طرح بنكى الأهلى المصرى ومصر للشهادات الاستثمارية بعائد 18% ساعد على جذب سيولة تجاوزت النصف تريليون جنيه، وهذا يعد نجاحا للسياسة النقدية فى تحقيق أهدافها من حيث السيطرة على معدلات التضخم من ناحية، وتحويل مدخرات الأفراد من الدولار إلى الجنيه ومنع الدولرة من جهة أخرى.
من جهته، ذكر محمد بدرة الخبير المصرفى أن استخدام البنك المركزى لسلاح سعر الفائدة هو أحد أهم أدوات السياسة النقدية للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، والحفاظ على استقرار الجنيه أمام الدولار، متوقعا اتجاه البنك المركزى لرفع العائد على العملة المحلية مرة أخرى فى اجتماع لجنة السياسة النقدية القادم.
وأشار إلى أن البنك المركزى يتجه لرفع الفائدة بهدف تعزيز السيولة الدولارية، إذ أن الفائدة المرتفعة على الجنيه تدفع العملاء إلى التنازل عن الدولار والاستثمار فى العملات المحلية، وهذا ما وجدناه خلال الفترة الماضية.
وأفاد بأن نجاح بنكى الأهلى المصرى ومصر فى تطبيق السياسة النقدية فى جمع سيولة بقيمة تجاوزت 500 مليار جنيه يساهم بشكل أو بآخر على احتواء معدلات التضخم المرتفعة والسيطرة عليها.
وعن الأدوات الأخرى التى يمكن للبنك المركزى استخدامها فى الحد من التضخم، قال بدرة إنه يمكن للمركزى رفع نسبة الاحتياطى القانونى الذى يحتفظ به البنوك لديه دون الحصول على عائد، والتى تصل حاليا لنحو 14%.
ونوه إلى أنه يمكن للبنك المركزى أن يطيل أجل شهادات 18%، أو يطرح شهادات بسعر فائدة أعلى للحد من موجة التضخم.
فيما أكد أحمد الألفى الخبير المصرفى أن رفع سعر الفائدة هو أهم أدوات البنوك المركزية وأكثرها شيوعا فى محاربة التضخم، حتى أن الفيدرالى الأمريكى نهج نفس النهج ورفع الفائدة على الدولار بـ 0.25% ومن المتوقع رفعها 6 مرات أخرى خلال الفترة المقبلة، كما أن بعض البنوك المركزية الأوروبية رفعت أيضا الفائدة فى محاولة للسيطرة على موجة التضخم الذى لم تشهد دول أوروبا منذ أكثر من 40 عاما.
وأضاف الألفى أن طرح وعاء ادخارى بـ 18%، نجح فى جذب رقم كبير، موضحا أن رفع الفائدة يكون فعالا فى محاربة التضخم عندما يكون سببه ارتفاع معدلات السيولة فى الاقتصاد، لكن عندما يرجع التضخم لارتفاع التكلفة الإنتاجية فهذا من أصعب حالات التضخم بالمقارنة بالصورة النقدية.
ونوه الخبير المصرفى إلى أن التضخم فى حالتنا هذه يعود إلى أن مصر تعتمد على الاستيراد، لاسيما مدخلات الإنتاج، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن وغيرها، وهذا بدوره يزيد من التضخم وارتفاع مستويات أسعار السلع.
وعن الآليات الأخرى التى يمكن الاستعانة بها لمحاربة التضخم، قال الألفى إنه يجب تحديد أولويات الاستيراد واقتصاره على السلع الضرورية والاستراتيجية، فلو نجحنا فى خفض فاتورة الواردات بـ 25% إلى 30%
فإن ذلك يساعد بشكل كبير على تخفيف تأثير الحرب الأوكرانية على الاقتصاد المصرى والحد من العجز فى الميزان التجارى وخفض التضخم.
وأضاف أن جزءا من هذا التضخم يعود فى نسبة منه إلى جشع التجار وغياب الرقابة على الأسواق، فلو تم ضبط المنظومة مثلما فى حدث فى تحديد سعر رغيف الخبز الحر، ستكون النتائج أفضل بكثير، حيث يجب على الدولة التدخل من خلال آليات رقابية جديدة بالتنسيق مع اتحاد الغرف التجارية وتحديد هوامش ربح للسلع الضرورية.
وتابع الألفى أنه على الرغم من أن ذلك يتعارض مع اقتصاد السوق، فإنه فى وقت الأزمات يمكن اللجوء إلى بعض الأوضاع الاستثنائية مثلما حدث فى عام 1929 “الكساد العظيم فى أمريكا ” حيث إنه تم ترقيع الاقتصاد الرأسمالى بملامح اشتراكية، ورأى أنه يجب فى مصر اتخاذ إجراءات استثنائية لحين ضبط السوق بما يسرع من احتواء معدلات التضخم المرتفعة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *