الإيكونوميست المصرية
هل تستطيع مصر الاعتماد على عملات بديلة للدولار لتقليل فاتورة الاستيراد؟

هل تستطيع مصر الاعتماد على عملات بديلة للدولار لتقليل فاتورة الاستيراد؟

منال المصرى
طالب عدد من خبراء الاقتصاد بضرورة تنويع مصر لمصادرها بشكل أكبر من سلة العملات الأجنبية بدلا من الاعتماد بالنسبة الأكبر على الدولار للاستفادة من تراجع سعر اليورو أمام الدولار فى تخفيف فاتورة الاستيراد.
وكان سعر اليورو قد تراجع مقابل الدولار خلال شهر يوليو الماضى مسجلا أدنى مستوياته منذ 20 عاما بسبب تعرض اليورو خلال الأشهر الماضية لعدة أزمات أثرت على مستوياتها، فيما كان الدولار يتلقى مزيدا من الدعم بسبب السياسة النقدية فى أمريكا.
ويعانى اقتصاد منطقة اليورو من ارتفاع التضخم لمستويات لم يشهدها منذ 40 عاما مع ارتفاع السلع والخدمات جراء الحرب الروسية الأوكرانية، فيما تشير التوقعات إلى تراجع النمو فى المنطقة مع ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج.
وقال مصرفيون إن البنك المركزى يعتمد فى الاستيراد على سلة متنوعة من العملات الأجنبية المختلفة، مشيرين إلى أن الاتجاه للاعتماد على عملات أخرى أكثر لتقليل الضغط على الدولار يرجع إلى أبعاد مختلفة.
ويتكون الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى المصرى من سلة من العملات الأجنبية “الدولار واليورو والجنيه الإسترلينى والفرنك السويسرى والين اليابانى واليوان الصينى بجانب بعض العملات العربية”.
وأوضح المصرفيون أن مصر تستخدم الدولار بنسبة أكبر وذلك لأغلبية الطلبات المقدمة للاستيراد (اعتمادات مستندية) بالبنوك بالورقة الأمريكية، وكذلك لتراجع مخاطره مقارنة بالعملات الأخرى وهو ما سيكون من الصعب تقليل الاعتماد على الورقة الخضراء.
وأضافوا أن انخفاض اليورو أمام الدولار لن يعود بالنفع على مصر بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار وبالتالى تراجعه أمام باقى العملات، ولذلك لن يتيح وفرة لمصر فضلا عن أن الاتجاه للاعتماد على عملة دون أخرى يخضع إلى حسابات مختلفة ودرجات مخاطر متوقعة.
وأوضح تامر الصادق نائب رئيس المعاملات الدولية فى “ميد بنك” أن مصر تعتمد فى الاستيراد على سلة من العملات الأجنبية المختلفة ولكن أغلب الاستخدامات تتم من خلال الدولار بشكل أكبر نتيجة لطبيعة وارداتنا وبحكم الدول التى نتعاون معها.
وأوضح تامر أن انخفاض قيمة اليورو أمام الدولار لن يحقق وفرة للجنيه المصرى بسبب عدم ثبات العملة المحلية وانخفاضها كما حدث لباقى العملات العالمية أمام الورقة الخضراء فضلا عن قوة الاقتصاد بين أوروبا وأمريكا تختلف عن مصر.
وأضاف أن اعتماد المركزى على عملة معينة بشكل أكبر عن عملة أخرى يكون له أبعاد أخرى وحسابات مختلفة منها درجة المخاطر المحتملة لهذه العملة مثل اليورو أصبحت مخاطرة مرتفعة بكثير عن وقت سابق بسبب التوترات الحالية على أثر وجود النزاع الروسى الأوكرانى مقابل انخفاض درجة مخاطر الدولار مما يجعل من غير المفضل الاعتماد على اليورو.
فيما أفاد عضو مجلس إدارة أحد البنوك الخاصة بأن البنك المركزى يعتمد على سلة من العملات المختلفة فى الاحتياطى النقدى لتجنب المخاطرة فى التركيز على استخدام عملة واحدة ولكن الاعتماد على عملة معينة أكثر من الأخرى يتوقف على حجم الطلبات المقدمة من الاعتمادات المستندية لمدة من 3 شهور إلى 6 شهور والطلبات الآجلة والعاجلة.
وأوضح أن مصر تعتمد على الدولار بشكل أكبر فى الاستيراد من اليورو وغيره نتيجة حجم الطلبات المقدمة للواردات بالعملة الأمريكية بطريق أكبر على أثر الدول التى تتعامل معها، وكذلك حجم الطلبات الآجلة المطلوبة من مصر تكون بالدولار بشكل أكبر عن أى عملة أخرى.
وأضاف أن الدولار يهيمن على أغلب الطلبات مرتبطا بثقله فى حجم التجارة الدولية وهو الأكبر، كما أن حجم مخاطره منخفض بكثير عن أى عملة أخرى فى وقت تعانى منه أوروبا من شبح الحرب الروسية الأوكرانية ومشاكل اقتصادية كبيرة.
من جهته، قال مصطفى بدرة الخبير الاقتصادى إن تراجع سعر اليورو يعكس ضعف اقتصادات الدول الأوروبية بسبب العقوبات الموقعة على روسيا، وانعكاساتها السلبية على اقتصادات المنطقة.
ومنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية تعانى أوروبا من ارتفاع كبير فى أسعار الطاقة، نتيجة ارتفاع سعر البترول والغاز الطبيعى واعتمادها الكبير على واردات الغاز الروسى.
وأوضح أن ارتفاع الدولار أمام اليورو سيؤدى إلى زيادة أعباء تكلفة الإقراض وارتفاع أسعار الفائدة على مستوى الدول مما يرهق ميزانيات الدول بدرجة كبيرة.
ويرى بدرة أن ارتفاع الدولار مقابل اليورو يعنى أن الأوضاع الاقتصادية عالميا تزداد توترا مع زيادة معدل البطالة وانخفاض الإيرادات.
وتلقى الدولار دعما كبيرا خلال الشهور الماضية مع إقدام الفيدرالى الأمريكى على رفع سعر الفائدة أكثر من مرة للسيطرة على التضخم وذلك لأول مرة منذ 1992.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *