الإيكونوميست المصرية
عشر سنوات على ثورة 30 يونيه المجيدة

عشر سنوات على ثورة 30 يونيه المجيدة

رغم مرور عشر سنوات على ثورة 30 يونيه، فإنها مازالت مستمرة خاصة أنها لم تكن ثورة عادية ضد نظام فاشى كان يريد طمس الهوية المصرية بقدر ما كانت رغبة شعب من تغيير واقع دولة عاشت لأكثر من عدة قرون فى شبه انهيار مستمر فى أركان الدولة الأساسية كالتعليم والصحة والبنية الأساسية والمرافق بل والأهم من كل ذلك مطلوب بناء الإنسان المصرى كى يواكب تطورات العصر خاص ما يطلق عليها الذكاء الاصطناعى.
تطلعات المصريين ربما تصل لعنان السماء فى ظل موارد محدودة وتحديات قاسية، وربما اختيار الشعب المصرى للرئيس عبد الفتاح السيسى ليحقق لهم هذه التطلعات وقيادته السفينة وسط أمواج متلاطمة عالية كان بمثابة تكليف لرجل لا يعرف سوى النجاح فى أى مهمة تسند إليه ولذلك كان صادقا عندما قال إنه يريد معه فريقا من الانتحاريين ليصل الليل والنهار حتى يحقق المعجزة، وتساءل: هل ستتحملون؟
وبدأ بالفعل دراسة الأولويات، هل سيكون التعليم أم الصحة أم البنية الأساسية المتهالكة أم محطات الطاقة أم الطرق أم الموانئ والمطارات أم الصناعة والزراعة، ولم يكن لديه رفاهية الاختيار لأنه وجد أمامه تحديا هو الأهم وهو الزمن، فأى مشروع لابد أن تختصر مدة إنجازه إلى الربع أو السدس.
واختار الرئيس السيسى السير فى كافة المسارات فى خطوط متوازية، وفوق كل ذلك تحدى زمن الإنجاز، ولم تكن مساومته مع جهات التنفيذ إلا اختصار زمن الإنجاز، وأصبحت هناك ثقافة جديدة لم يتعود عليها المصريون من قبل وهى اكتشاف المشروع والإعلان عنه وقت الافتتاح، ولم تعد هناك مفاهيم وضع حجر الأساس أو التفكير فى مشروع بل الحديث عن المشروع وقد دخل حيز التنفيذ بالفعل، وأصبح الوقت له قيمة كبيرة فى تنفيذ المشروعات التى اعترف بها رئيس شركة سيمنس عندما أكد أن مدة تنفيذ مشروعات الشركة فى مصر فاقت كل التوقعات وأسرع من أى مكان آخر بما فيها ألمانيا ذاتها.
وأشارت كل التوقعات العالمية إلى أن يصبح الاقتصاد المصرى ضمن أهم وأسرع الاقتصادات العالمية نموا وتطورا، بل وزادت التوقعات لأن يصبح ضمن أهم عشر اقتصادات فى العالم بحلول عام 2030، إلا أن الظروف العالمية من جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية عطلت التطلعات المصرية كثيرا وأصبحت هناك مشاكل فى الاقتصاد لم تكن على البال مثل نقص موارد العملة الصعبة التى أثرت كثيرا على ارتفاع أسعار الدولار وبالتالى أسعار السلع والخدمات بل وأثرت على معدل التضخم وبالتالى معدل النمو.
ورب ضارة نافعة، فالتجربة المصرية فى مهدها تعرضت لامتحانٍ قاسٍ، ولكنه من الإفادة بحيث أصبحت الرؤية أكثر وضوحا فى تحديد الأولويات والتأكيد على أهمية التصنيع والزراعة اللذين أصبح لهما الأولية القصوى فى اهتمام الدولة وتقديم التسهيلات للمستثمرين، وبالفعل أصدر المجلس الأعلى للاستثمار 22 قرارا تصحيحيا لجذب الاستثمارات الأجنبية وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين الأجانب والمصريين.
مصر أمامها فرصة كبيرة لتحقيق انطلاقة كبرى خلال المرحلة المقبلة خاصة بعد وضوح الرؤية وتحديد المسارات الصحيحة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *