الإيكونوميست المصرية
تعدد مصادر المياه……بقلم: محمد فاروق

تعدد مصادر المياه……بقلم: محمد فاروق


بقلم: محمد فاروق

يواجه العالم كله مشكلة ندرة المياه لدرجة جعلت الدول تتصارع على مصادر المياه وحصص توزيعها.
ونحن فى مصر بصفة خاصة نعد من الدول التى تعانى من الفقر المائى، حتى قبل مشكلة سد النهضة، فقد أعلن د. هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى أن مصر من أقل دول العالم من حيث معدل الأمطار، ويبلغ نصيب الفرد من المياه 500 متر مكعب فقط بما يعادل نصف حد الفقر المائى المقدر بـ 1000 متر مكعب. ومصر تعتمد على نهر النيل بنسبة 97% للحصول على مواردها المائية، و75% من استهلاكنا للمياه يذهب فى الزراعة.
هذا الوضع الخطير، إلى جانب مشكلة سد النهضة واحتمالية إقامة سدود أخرى على نهر النيل، أوجب علينا التفكير خارج الصندوق والبحث عن مصادر جديدة غير تقليدية للحصول على المياه.
لذا توجهت الدولة للاعتماد على الموارد المائية غير التقليدية مثل إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى من خلال تنفيذ مشروعات عملاقة لإعادة معالجة تلك المياه، ويمكن لهذه المشروعات أن تصل لطاقة إجمالية تفوق الـ 20 مليار متر مكعب من المياه سنويا، وهو رقم بالفعل ضخم حيث إن حصة مصر فى مياه نهر النيل بالكامل تبلغ ‏55.5‏ مليار متر مكعب‏ سنويا، فى حين تقدر جميع موارد مصر المائية بحوالى 60 مليار متر مكعب سنويا، فإلى جانب نهر النيل هناك كميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحارى. وفى المقابل يصل إجمالى الاحتياجات المائية فى مصر لحوالى 114 مليار متر مكعب سنويا، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية فى الوادى والدلتا، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنويا من المياه.
وتقوم الدولة بإعادة استخدام حوالى 1.3 مليار متر مكعب سنويا من مياه الصرف الصحى بعد معالجتها فى مشروعات استزراع الأراضى الصحراوية، كما تتجه مصر للتوسع فى تحلية مياه البحر فى ظل تراجع تكلفتها.
وتنفذ مصر مشروع تأهيل الترع لتحسين توزيع المياه، إلى جانب التحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث لترشيد استهلاك المياه.
ويجب التركيز كذلك على إعادة معالجة المياه الرمادية، وإنشاء مصارف خاصة بها مما يخفف من الضغط على شبكة الصرف الصحى إلى جانب استخدامها فى رى الحدائق. والمياه الرمادية هى المياه الخارجة من الغسالات وأحواض الاستحمام، وهذه المياه لا تحتوى على مواد عضوية، ولا تحتاج لمعالجة معقدة مثل مياه الصرف الصحى.
كما يجب استخدام مياه أجهزة التكييفات، فهى مياه مقطرة نظيفة، وتقوم دول الخليج حاليا وخاصة السعودية باستخدام مياه التكييفات، ففى المسجد الحرام يستخدمون مياه التكييفات فى الوضوء ودورات المياه وغسيل الساحات ورى المزروعات ومراوح الرذاذ.
وإذا وصف المؤرخ “هيرودوت” مصر بأنها هبة النيل، فإننا صرنا الآن فى حاجة ماسة لإيجاد مصادر جديدة غير النيل العظيم للحصول على المياه، فلم تعد مياهه تكفينا فى ظل الزيادات المتواصلة فى عدد السكان والتهديدات بإقامة السدود على مجرى النهر الخالد.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *