محمد فاروق
من الأخطاء التى ارتكبها مدربو التنمية البشرية أن ربطوا نجاح الأشخاص بما يحققونه من نتائج، فكانوا خلال الدورات التدريبية يسعون بشتى الطرق لتحفيز المتدربين وحثهم على العمل والجد والاجتهاد من أجل تحقيق الأهداف المنشودة، وبالفعل كانوا ينجحون فى شحذ همم المتدربين ويخلقون من معظمهم أشخاصا يتسمون بالهمة والنشاط والرغبة فى السعى لتحقيق الأهداف.. ولكن بعد فترة وجدوا أن هؤلاء الأشخاص المتدربين لا ينجح منهم سوى القليل فى تحقيق أهدافهم، وهنا يتحول من لم يستطع الوصول لهدفه إلى الإحباط الشامل، ويصير أسوأ مما بدأ نتيجة شعوره بالفشل بعد كل هذا السعى.
وهنا اضطر القائمون على التنمية البشرية لتغيير فكرهم، بعد أن وجدوا هذا الكم من الإحباط الذى يصيب معظم المتدربين بعد فشلهم فى تحقيق أهدافهم، وبالفعل اتجهوا إلى فكر جديد وهو أن النجاح ليس مرتبطا بتحقيق الهدف وإنما كل ما عليك هو السعى وبذل الجهود الحثيثة وعمل كل ما فى وسعك، وبذلك تكون قد نجحت ولم تقصر بغض النظر عن الوصول للهدف أم لا.
انظروا إلى من اتبع هذا الفكر كيف صار أسلوب حياته، أصبح لا ينظر على النتائج بل يهتم بأدائه وسعيه ومجهوده، فإذا حقق الهدف احتفل وابتهج، وإذا لم يصل لمراده لا يصاب بالإحباط واليأس بل يحاول ثانية دون كلل أو سأم، فالعبرة عنده بما يبذل من مجهود، فتقييمه لنفسه مرتبط بسعيه وليس بتحقيق أهدافه.
وهنا نقف عند مقولة “استمرارية السعى لا تعنى حتمية الوصول”، لنؤكد أن الوصول لا يعنينى بقدر ما أهتم بالسعى، وتلك هى النقطة الأولى للنجاح وللنفسية السوية الهادفة إلى تحقيق الذات قبل تحقيق الهدف الذى قد يأتى أو لا يأتى، أو الذى قد أحقق ما هو أفضل منه خلال السعى.
والمولى عز وجل لخص وأكد أن بالفعل السعى لا يضيع وأنه هو الشىء الأسمى الذى يجب أن نركز عليه فقال تعالى فى كتابه العزيز، بسم الله الرحمن الرحيم: “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى” صدق الله العظيم.
ودائما ما أوجه كلامى للشباب فهم وقود النهضة والتنمية، ونظرا للظروف الاقتصادية التى يمر بها العالم كله وليس مصر فقط فإننا نجد الشباب وقد أصابه بعض الإحباط والخوف من المستقبل، لكن إذا ما نظر هؤلاء الشباب إلى المستقبل باعتباره فى يد المولى عز وجل وحده، فلن يفكروا فى شىء سوى اجتهادهم فقط، والنتيجة وتحقيق الأهداف يتركونها لله تعالى، ويكونون على يقين بأن الله العادل لن يضيع أبدا سعيهم أو مجهودهم وبذلك يقضون تماما على الخوف من عدم تحقيق الهدف ويهتمون فقط بسعيهم.
والسمة الثانية التى يجب التحلى بها هى الصبر، فتلك السمة مفقودة عند معظم الأجيال الجديدة، فلديهم رغبة دائمة فى الوصول السريع، وهو ما يصيبهم بالإحباط إذا ما تأخر تحقيق أحلامهم.
اهتم بالسعى.. اهتم بالجهد.. اهتم بالفعل، أما النتيجة فقد تصل إلى ما هو أفضل مما تتمنى، والأهم أن سعيك لن يضيع هباءً أبدا بإذن الله تعالى.