الإيكونوميست المصرية
مصر صاحبة الدار  ………… بقلم: محمد فاروق

مصر صاحبة الدار ………… بقلم: محمد فاروق


بقلم: محمد فاروق
انقضت بطولة أفريقيا لكرة القدم بحلوها ومرها، فاز من فاز وخسر من خسر، وللأسف الشديد فقد خزلنا منتخبنا الوطنى بعد أن عقد عليه المصريون آمالا عريضة فى تحقيق انتصار كان هو الأسهل فى بطولة كانت فى متناول أيدينا وعلى أرضنا وبين جماهيرنا الغفيرة، واعتقدنا جميعا أننا سنعيد أمجاد الماضى ونفوز بكأس أفريقيا التى لم نتذوق حلاوتها منذ تسع سنوات، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن وسقطنا من الدور السادس عشر.
وهنا يبدأ الحديث، فالهزيمة ليس معناها نهاية الكون، والهزيمة ليس معناها النظر للصورة كاملة بنظرة تشاؤمية قاتمة، فهناك مكاسب عديدة خرجنا بها من تلك البطولة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا: استطاعت مصر فى وقت قياسى تنظيم هذه البطولة التى تعد الأكبر من حيث عدد الدول المشاركة، فقد ضمت 24 منتخبا لأول مرة فى تاريخ البطولة الأفريقية، ولن أبالغ إذا قلت أن هذه البطولة كانت الأفضل من ناحية التنظيم والأضخم من ناحية الإمكانيات.
ثانيا: أثبتت مصر أنها بلد الأمن والأمان وأنها قادرة على حماية كل هذه الوفود والفرق وجماهيرها الغفيرة، وقادرة على تأمين وتنظيم أى حدث مهما كان حجمه، الأمر الذى نقل رسالة لجميع دول العالم وللمستثمرين بأن مصر استردت أمانها واستقرارها بالفعل وليس بالكلام.
ثالثا: استطاعت مصر أن تروج لنفسها سياحيا بالمجان، من خلال تسليط وسائل الإعلام العالمية الضوء على مصر ومعالمها الخلابة أثناء فترة انعقاد البطولة.
رابعا: نقلت مصر رسالة ود ومحبة إلى جميع دول القارة السمراء أكدت خلالها رغبتها فى مد جسور الصلة مع الشعوب الأفريقية التى هجرناها منذ عقود وبدأنا بالفعل فى العودة إليها مرة أخرى.
خامسا: عادت الجماهير مرة أخرى للملاعب، واستطعنا إدارة وتنظيم هذا الكم الضخم من المشجعين داخل الملاعب وخارجها دون وقوع أعمال شغب أو تخريب، مما يعد بمثابة بداية لعودة الجماهير ثانية للملاعب المصرية فى البطولات المحلية.
سادسا: قمنا بتطوير الملاعب المصرية وتجهيزها مما يجعلها قادرة على استقبال أى حدث رياضى كبير فى المستقبل، إلى جانب التعبير عن القدرات المصرية العالية حيث تم إسناد البطولة لمصر فى شهر يناير 2019 وأقيمت فى شهر يونيه، أى أنه لم يكن هناك سوى 5 أشهر فقط من أجل الانتهاء من كل هذه التجهيزات وإنجاز كل شىء خاص بالبطولة واستقبال 24 فريقا وجماهيرهم وتجهيز 6 ملاعب ستستضيف مباريات البطولة فى 4 مدن مختلفة فى القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية والسويس، وبالفعل كل هذا تم على أعلى مستوى من الكفاءة.
لذا فإذا كان إخفاق منتخبنا قد أحزننا جميعا، فعلينا فى الوقت نفسه أن نفخر بما تم إنجازه وأن نضع الأمور فى نصابها الصحيح ونعطى كل ذى حق حقه، فمثلما كانت هناك هزيمة نكراء لفريق كرة القدم، فهناك أيضا انتصار عظيم لفريق تنظيم البطولة، فمصر هى الفائز الحقيقى بالبطولة.
ولن ننسى هنا ذكر شخص متواضع صاحب أخلاق رفيعة عمل فى صمت اسمه محمد فضل مدير بطولة كأس الأمم الأفريقية 2019، ولن ننسى الإمكانيات الضخمة التى وفرتها الدولة، ولن ننسى السواعد القوية التى عملت وشيدت.. تحية وتقدير لكل من ساهم فى خروج هذا التنظيم الرائع اللائق باسم مصر صاحبة الدار وأم الدنيا.

Related Articles