بقلم: محمد فاروق
فى الحياة، تمر فرص قد لا تعود ولا تعوض، ومن الفرص التى تشهدها مصر حاليا هى التوجه الشعبى لمقاطعة بعض السلع الأجنبية الداعمة لمواقف إسرائيل ضد غزة.
ونحن هنا لا نتحدث عن فاعلية هذه المقاطعة ومضمونها، فهذا قُتل بحثا، ولكننا نتحدث عن كيفية اغتنام هذه الفرصة والمزايا التى ستعود على الصناعة المحلية والاقتصاد المصرى بصفة عامة.
فلابد أن ندرك جيدا أن هذه المقاطعة جعلت سلعا مصرية ومنتجات وطنية تعود للظهور مرة أخرى بل وتنتعش وتزداد مبيعاتها، بعد أن كان منها ما اندثر واختفى تماما وذهب طى النسيان وأصبح عبارة عن ذكريات، ومنها ما كان يعانى الركود والإهمال والتجاهل التام من المواطنين.
فبعد مقاطعة السلع الأجنبية، صار لزاما على المواطنين أن يجدوا البديل، فما رغبوا عنه وأهملوه من قبل، رغبوا فيه ولجأوا إليه الآن، وهنا بيت القصيد، إنها فرصة ذهبية لرفع جودة هذه المنتجات الوطنية والعمل على تطويرها لأقصى درجة، فالناس حاليا ليس لديهم أى مانع من استعمال هذه المنتجات الوطنية حتى لو كانت أقل جودة من مثيلتها الأجنبية مقابل تفعيل المقاطعة إلى جانب توفير الأموال حيث إن تلك المحلية أرخص من الأخرى الأجنبية.
وأنا هنا أتحدث عن السلع الأجنبية “المستوردة” وليست تلك التى تحمل “صنع فى مصر”، فالفارق كبير، فالمنتجات ذات العلامات التجارية التى تصنع فى مصر تلحق مقاطعتها أضرارا بالاقتصاد المصرى، وتبعث برسالة سلبية للمستثمر الأجنبى، فهذه شركات يعمل بها عمال مصريون وتسدد الضرائب لمصر، وتزيد الناتج القومى، أما تلك المستوردة فهى التى يجب هجرها والإعراض عنها وتشجيع المحلى، فعلاوة على المقاطعة، يكفى أننا سنوفر مليارات الدولارات التى تطير للخارج من أجل استيراد العديد من هذه السلع، إلى جانب تحقيق الاكتفاء الذاتى من أكبر قدر ممكن من استهلاكنا.
لذا علينا التشبث بهذه الفرصة السانحة، لكن علينا فى الوقت نفسه أن ندرك جيدا أنها لن تستمر فترة طويلة، فغالبا ما ينسى الناس مثل هذه المقاطعات ويعودون لسابق عهدهم بعد مرور فترة من المقاطعة أو زوال الحدث أو حتى الاعتياد عليه، وهنا سيكون الفرد أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما الاستمرار فى استعمال السلعة الوطنية فى حال رضائه عنها وإشباعه لمتطلباته وارتفاع جودتها، أو اضطراره للعودة لاستعمال السلع الأجنبية حتى لو كلفته أكثر لكنها أجود.
إذن العامل المؤثر الأعظم هنا هو “الجودة” وليس السعر، فما بالكم لو تميزت السلعة الوطنية بالحُسنيين: الجودة والسعر الأفضل، فبالتأكيد الولاء الذى نبت داخل المواطن تجاه السلعة الوطنية سينمو ويستمر.
أرجو من كل المنتجين والصانعين المصريين ومقدمى الخدمات الوطنية أن يحسنوا من جودة السلع والخدمات وألا يستغلوا الوضع الحالى فى مجرد رفع الأسعار واتباع الأسلوب المعتاد “اخطف واجرى”، وأن يدركوا الفرصة الذهبية التى هبطت عليهم هدية من السماء.