فاطمة إبراهيم
تعيد الحكومة المصرية تشغيل مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وكفر الدوار ومحالج بنى سويف وشركة النصر للسيارات، فهل هذه خطة لاستعادة الدولة لأصولها ذات العلامات التجارية العريقة؟ وما تأثير هذه الخطوة على الاقتصاد؟
وقال المهندس محمد شيمى وزير قطاع الأعمال العام إن المشروع القومى لصناعة الغزل والنسيج يحظى باهتمام ودعم كبير من القيادة السياسية لدعم وتعميق الصناعة الوطنية وتوطين التكنولوجيا وتعزيز الصادرات المصرية، موضحا أن مصنع “غزل 1” الجديد يعد خطوة هامة نحو تطوير صناعة الغزل والنسيج فى مصر، ويمثل نقلة نوعية فى هذا القطاع الحيوى، ويعكس التزام الدولة بتعزيز قدراتها الإنتاجية فى هذا المجال، حيث يقع المصنع على مساحة 62 ألف متر ويضم نحو 183 ألف مردن و376 ماكينة، وتبلغ طاقته الإنتاجية المستهدفة 15 طنا يوميا من الخيوط الرفيعة التى تسخدم فى إنتاج الأقمشة عالية الجودة.
وأضاف المهندس شيمى أن المصانع الجديدة التى يتم تشغيلها بأحدث التكنولوجيات العالمية، ستسهم فى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات المصرية، مما سيفتح أسواقا جديدة ويعزز من قدرة الشركة على المنافسة فى السوقين المحلية والدولية، مؤكدا على الاهتمام بتدريب العنصر البشرى وتنمية مهاراته وفق البرامج التدريبية المحددة.
فيما أكد خبراء الاقتصاد أن الدولة تسعى جاهدة لتشغيل الأصول المعطلة لديها لاسيما شركات قطاع الأعمال العام ذات العلامات التجارية المعروفة، وإعادة الحياة إليها مرة أخرى، مشيرين إلى أن ذلك يساهم فى زيادة فرص التصدير وزيادة معدلات التشغيل، وخفض فاتورة الواردات.
ونجحت وزارة قطاع الأعمال العام، من خلال الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج فى إعادة تشغيل المصانع القديمة بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، والمتوقفة منذ سنوات مع بداية مشروع التطوير الذى يتكلف نحو 33 مليار جنيه، على رأسها تدشين مصنع “غزل 4” بطاقة 15 طن غزل يوميا، وقرب التشغيل التجريبى لمصنع “غزل 1” الأكبر فى العالم بطاقة 30 طن غزل يوميا، مما يعزز إيرادات وصادرات قطاع الغزل والنسيج الفترة المقبلة، فضلا عن التشغيل التام لمصانع سيناء للمنجنيز والنحاس المصرية والدلتا للصلب، وغيرها من مصانع الصناعات الكيماوية والمعدنية والغزل والنسيج ؛مما يمثل إضافة قوية للاقتصاد الوطنى.
وأشار الخبراء لـ “الإيكونوميست المصرية” إلى أن نجاح الحكومة فى إحياء شركات قطاع الأعمال العام يعتمد على الإدارة السليمة، والدخول فى شراكات مع كيانات أجنبية لتوفير النقد الأجنبى والاستفادة من الخبرات ومواكبة التطورات العالمية.
ونجحت الوزارة فى تشغيل مصنع سيناء للمنجنيز لتصنيع السبائك؛ مما يساهم فى زيادة الصادرات وتوفير الاحتياجات المحلية وأيضا مصانع النحاس المصرية والتى تحولت من الخسارة إلى الربحية وإلى التصدير، يضاف لذلك النجاح الكبير فى الوصول بصناعة الألومنيوم من خلال شركة مصر للألومنيوم بنجع حمادى للطاقة التصميمية القصوى وهو إنجاز كبير ساهم فى زيادة الصادرات بشكل ملموس.
وبلغت صادرات شركة مصر للألومنيوم، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، نحو 16.4 مليار جنيه خلال العام المالى 2023/2024، جاء نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار خلال العام المالى الماضى، وإنتاج أصناف ذات علاوات سعرية عالية، واتباع الشركة سياسة مرنة للتعامل مع أسعار المعدن ببورصة المعادن العالمية وأسعار الخامات، وتخفيض التكاليف خلال العام المالى الماضى.
وحققت شركة مصر للالومنيوم صافى ربح بلغ 9.32 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو 2023 إلى يونيه 2024، العام المالى الماضى، مقابل أرباح بلغت 3.69 مليار جنيه فى العام المالى السابق المنتهى يونيه 2023 بارتفاع بلغت نسبته 152% على أساس سنوى، وارتفعت إيرادات الشركة خلال العام المالى الماضى إلى 32.81 مليار جنيه، مقابل إيرادات بلغت 22.04 مليار جنيه فى العام المالى السابق له.
من جهته، أكد الدكتور بلال شعيب الخبير الاقتصادى أن إعادة تشغيل الأصول المتعطلة لاسيما الكايانات الضخمة مثل غزل المحلة وكفر الدوار ومحالج بنى سويف وشركة النصر للسيارات تمثل خطوة مهمة وبعث برسالة أن الدولة تستعيد أصولها المنتجة، لاسيما أن شركة مثل النصر للسيارات لها اسم تجارى يعود إلى 1960 يسبق حتى الشركة الصينية (1969) التى تعاقدت معها مصر لإعادة تشغيل شركة النصر للسيارات.
وأضاف شعيب أن إعادة تشغيل هذه الأصول يمثل إضافة كبيرة للاقتصاد لأن إنشاء مصنع جديد وترفيقه ستكون تكلفته الإنشائية مرتفعة جدا، ويمكن توفيرها من خلال استثمار الأصول المتاحة وتجديد الخطوط الإنتاجية، ومواكبة الأذواق العالمية.
فيما قال الدكتور محمد الكيلانى الخبير الاقتصادى إن إعادة تشغيل أصول القطاع العام خطوة جيدة تحقق إضافة للاقتصاد، ولكن لكى تنجح يجب أن يكون ذلك من خلال شراكات مع كيانات عالمية، وتقديم حوافز، وتخفيضات ضريبية وجمركية، وترفيق المصانع لجذب استثمارات أجنبية.
وأضاف أن الدخول فى شراكات مع كيانات أجنبية يقلل الضغط على الدولار، ويجنب الدولة الدخول فى أزمة نقد أجنبى جديدة، لاسيما فى صناعة السيارات نظرا لارتفاع مدخلات الصناعة، وكذا مواكبة التطور العالمى فى الصناعة، وهذا يفتح شهية مستثمرين آخرين للدخول فى الصناعة.
وذكر الكيلانى أن مصر حققت زيادة فى صادرات صناعة الملابس الجاهزة بنسبة 14% خلال العام الماضى، لاسيما أن العالم يقلل تعاملاته التجارية مع الصين لاسيما فى ظل الحرب الخفية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يصب فى صالح زيادة الطلب على المنتجات المصرية لاسيما الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، وهذا يفسر اتجاه تركيا للاستثمار فى مصر فى صناعة الملابس الجاهزة، مشيرا إلى أن إعادة تشغيل أصول القطاع العام المتعطلة يساعد على خفض نسب البطالة، وزيادة معدلات التشغيل.
وتم تشغيل مصانع المحلة القديمة منها مصانع من سنة 1968، والمتوقفة بالكامل لسد العجز، لا سيما أن المصانع مقامة بتكنولوجيا أوروبية كاملة وصالحة للمنافسة بجودة عالمية، ومع التشغيل نجحت المحلة فى إنتاج خيوط تريكو تنافس المستورد، وكانت البداية من مصنع 2 بالمحلة الكبرى ومن خامات أقطان قصيرة التيلة وقد استطاعت المحلة إنتاج خيوط مسرحة تريكو بجودة عالمية.
فى السياق ذاته، قال الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادى إن سعى الحكومة الحالية لإحياء القطاع العام واستغلال الأصول التى تمتلكها شركات القطاع العام يدعم الصناعة المصرية ويعزز المنتج المحلى.
وأشار إلى أهمية التعلم من أخطاء الماضى، والتركيز على كيفية إدارة الأصول واستغلالها الاستغلال الأمثل، مشيرا إلى أن استيراد السيارات أدى إلى ارتفاعها بشكل يفوق إمكانيات المستهلك المصرى، ومن ثم فإن إعاة تشغيل النصر للسيارات، وإنتاج سيارة محلية الصنع يقلل التكلفة ويجعل شراء السيارة فى متناول المستهلك المحلى.
ولفت خضر إلى أن مصر بوابة لأفريقيا والاتحاد الأوروبى ومن ثم فإن التركيز على صناعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة يعيد لمصر مكانتها فى الصناعة، ومكانة القطن المصرى، ويساعد على عودة شعار “صتع فى مصر”، ويساعد على توسيع القاعدة الصناعية، يعيد التوازن فى مستوى الأسعار فى السوق المحلية، وزيادة التصدير، وخفض فاتورة الواردات.
ويستهدف قطاع الملابس الجاهزة نسبة نمو سنوى لا تقل عن 20% بمستويات 3.3 مليارات دولار بنهاية 2025.
وحققت صادرات قطاع الملابس الجاهزة خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر من العام الجارى 2 مليار و 43 مليون دولار بنسبة ارتفاع بلغت 18% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، وتستهدف الصناعة تحقيق صادرات بقيمة 2.9 مليارات دولار بنهاية 2024.