محمد فاروق
كل يومٍ يمضى، تزداد شدة احتياج العالم للحد من التلوث وخفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، خاصة بعد الارتفاع الملحوظ فى درجة حرارة الأرض وتزايد المخاوف من الآثار السلبية الناجمة عن تغير المناخ، كل هذا يدفع وبقوة لحتمية اللجوء إلى الطاقة النظيفة أو ما يعرف بالطاقة الخضراء.
والطاقة الخضراء هى تلك التى لا ينتج عنها أى تلوث للبيئة، وتتعدد أشكال الطاقة الخضراء؛ فمنها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية.
وعندما نتحدث عن الطاقة الخضراء، فلابد أن نذكر الهيدروجين الأخضر، وهو وقود ينتج عن فصل العنصرين المكونين للماء الهيدروجين والأكسجين، عن طريق التحليل الكهربائى.
وكى يطلق على الهيدروجين “أخضر”، فلابد أن يكون غير ملوث للبيئة؛ أى الحصول عليه بطرق نظيفة، فمثلا يمكن الحصول على الهيدروجين من المواد العضوية مثل الوقود الأحفورى، لكنه فى هذه الحالة سيكون ملوثا للبيئة وهنا لن يطلق عليه الهيدروجين الأخضر.
فالهيدروجين الأخضر لا ينتج عنه انبعاث غازات ملوثة سواء أثناء إنتاجه أو احتراقه.
والهيدروجين الأخضر متعدد الاستخدامات، فيمكن تحويله إلى كهرباء من خلال التوربينات التى تعمل بالهيدروجين، أو غاز اصطناعى واستخدامه فى الأغراض الصناعية أو المنزلية أو وسائل النقل فى السيارات والشاحنات الكهربائية التى تعمل بخلايا الوقود الهيدروجينية، وسفن الحاويات التى تعمل بالأمونيا السائلة المصنوعة من الهيدروجين، كما يستخدم فى مصافى الفولاذ الأخضر التى تحرق الهيدروجين كمصدر للحرارة بدلا من الفحم.
ويمكن استخدام الموارد المحلية المتاحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وبذلك فهو يعتبر مصدر طاقة يساعد على خفض واردات النفط، ويمكن أن يوفر ما يصل إلى 25% من احتياجات الطاقة فى العالم، إلى جانب أن الهيدروجين يحتوى على نحو ثلاثة أضعاف الطاقة التى يحتويها الوقود الأحفورى، مما يجعله أكثر كفاءة، كما أنه متاح على نطاق واسع، بالإضافة إلى أنه يتميز بالاستدامة حيث يمكن إنتاج الهيدروجين من مصادر الطاقة المتجددة.
كما يمكن توزيع الهيدروجين بعدة طرق، وهو قابل للتخزين أى يمكن استخدامه لاحقا فى أوقات أخرى بعد إنتاجه.
ومن الدول الأكثر إنتاجا للهيدروجين الأخضر السعودية واستراليا وتشيلى واليابان والنرويج وكوريا الجنوبية وألمانيا
وتمتلك دول أفريقيا القدرة على الاعتماد على الهيدروجين الأخضر بسبب وفرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وبالنسبة لمصر، فقد أطلقت الحكومة استراتيجية طموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2040، وتستعرض الاستراتيجية بعض الأهداف الرئيسية التى تتمثل فى إنتاج 5.8 ملايين طن سنويا من الهيدروجين الأخضر.
والوكالة الدولية للطاقة أوصت دول العالم بتسريع تبنى إنتاج واستخدام الهيدروجين منخفض الانبعاثات. ومن المتوقع أن يصل الطلب العالمى على الهيدروجين الأخضر إلى 660 مليون طن سنويا بحلول عام 2050، مقارنة بنحو 90 مليون طن فى عام 2020.
هذه المزايا والأرقام توضح مدى الأهمية التى يوليها العالم كله للهيدروجين الأخضر حاليا، مع توقعات بنمو هائل فى الإنتاج والاستثمارات خلال الفترة المقبلة.