أشرف الليثى
فى ذكرى ثورة 30 يونيه كل عام، نستلهم طاقة إيجابية فجرها شعب مصر بأكمله حين خرج عن بكرة أبيه وبجميع طوائفه ودون أى ضغوط إلا من ضميره فقط وإحساسه الوطنى ومخزونه التاريخى الممتد عبر آلاف السنين ليحافظ على أرضه وهويته والتى توارثتها الأجيال منذ أكثر من سبعة آلاف سنة وربما قبل وجود الخليقة على ظهر الأرض، فالمصرى ربما يكون العنصر البشرى الوحيد على ظهر هذا الكوكب الذى تحركه دوافعه الإنسانية عندما يشعر أن أرضه أو عرضه أو عقيدته فى خطر تلك الثلاثية المقدسة التى تضرب فى أعماق ووجدان هذا الشعب ودون أن يعلمه إياها أحد فهى تسرى فى شرايينه كسريان الدم تماما.
على مدى نحو 12 عاما منذ فجر ثورة 30 يونيه عام 2013 التى تعتبر أكبر ثورة شعبية فى التاريخ الحديث تقع على أرض مصر وحتى الآن، حافظ شعب مصر وجيشها على أرض وهوية تلك البقعة، دون النظر إلى جميع من حولنا، واجهتنا ظروف صعبة كثيرة ومؤامرت لم تنته بعد كلها تحاول كسر عمود الخيمة الذى يحافظ على أمن واستقرار ليس مصر فقط بل والمنطقة العربية بشكل عام، وهذه قناعة لدى الجميع إذا سقطت مصر سقطت المنطقة كلها، ولكن الله حافظها، أليست هى المحروسة بعناية الله وسخر لها خير أجناد الأرض ليحافظوا عليها، ولم تكن تلك السنوات الاثنتا عشرة سهلة بل كانت قاسية؛ ففى الوقت الذى تحاول فيه القيادة السياسية بناء مصر الحديثة وفقا لمعايير تتوافق مع متطلبات العصر الحديث، تحاول فيه خفافيش الظلام من أعدائها سواء فى الداخل أو الخارج هدمها وجرها وجر جيشها إلى السقوط فى الوحل من أجل هدف واحد فقط وهو الذى قامت من أجله ثورة 30 يونيه وهو كسرها وتحطيم هويتها.
لن ييأس أعداء تلك الأمة من تنفيذ مآربهم الدنيئة سواء بالعداء المباشر، أو تأجيج نار الحقد وافتعال الأزمات، أو محاولة تجويع وتعطيش شعب مصر، أو جر الجيش لصدامات غير محسوبة سواء خارج مصر أو داخلها، أو تعطيل المشروع القومى للتحديث، أو إنهاك الاقتصاد من خلال قسوة الديون وشح الموارد، أو فقدان ثقة الشعب فى قيادته وتحطيم معنوياته، أو زرع الفتن بين فئات الشعب المختلفة، أو نشر الشائعات المضللة، كل هذا تعرضنا له بالفعل على مدى الاثنتى عشرة سنة الماضية، ولكن بفضل الله وتماسك ووعى الشعب وقيادته السياسية لم ينجح أعداء الإنسانية وأعداء مصر فى تحقيق أهدافهم بفضل قوة جيش مصر أيضا الذى هو جزء أساسى من عقيدته ألا يشارك فى أى هجوم على دول أخرى بل ومن صلب هذه العقيدة الحفاظ على أرض مصر وأمنها القومى والرد بكل قوة وحزم على عدو يحاول المساس بأرضنا أو شعبنا.
تعرضت القيادة السياسية لإغراءات ليس لها حدود من أجل التفريط فى جزء من أرض مصر التى توارثناها من أجدادنا المصريين القدماء، وكان الرد واضحا وقاسيا ومحددا: أرض مصر ليست قابلة للتفاوض ولا يملك أحد أن يتنازل عن حبة رمل منها فهذه الأرض مروية بدماء الشهداء الذين حافظوا عليها، فكيف يتم التفريط فى هذه الأرض المقدسة التى تجلى فيها رب العرش، وكيف يتم التفريط فى هذه الأرض التى مر عليها غالبية الأنبياء والرسل وتشرفت بقدومهم والسير فوق ترابها، وكل حبة من حبات رملها تشهد على ذلك، كيف يتم التفريط فيها! حفظ الله مصر وحفظ شعبها وجيشها وقادتها.