وفاء على
يعد القطن المصرى واحدا من أبرز رموز الزراعة المصرية والذى استطاع أن يحجز مكانه فى الصفوف الأولى للمنتجات العالمية ذات القيمة العالية، ذلك الذهب الأبيض أصبح مصدرا رئيسيا للدخل القومى، ويشهد حاليا نهضة حقيقية بدعم من الدولة وبخطط استراتيجية محكمة وضعتها الحكومة لتعيد التألق لهذا المحصول الاستراتيجى بعد سنوات من التراجع.
التحرك الذى بدأته الحكومة المصرية لم يقتصر فقط على زيادة الرقعة الزراعية، بل وصل إلى ثورة علمية وفتح الباب أمام حقبة جديدة من الإنتاجية والجودة، وهذا ما أعلنته وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى التى أكدت التوسع فى زراعة تسعة أصناف جديدة من القطن جرى تطويرها بعناية فى مراكز البحوث الزراعية مع التركيز على الأصناف الطويلة والمتوسطة التيلة لتلبية احتياجات الصناعة المحلية والتصدير.
الدكتور أشرف كمال أستاذ الاقتصاد الزراعى أكد أن الأصناف الجديدة تمثل قفزة نوعية فى تاريخ زراعة القطن بمصر، مشيرا إلى أن صنف “جيزة 98” يعد من أبرز هذه التحولات، مشيرا إلى أن هذا الصنف يتميز بقدرته العالية على مقاومة التغيرات المناخية، وبالأخص درجات الحرارة المرتفعة، كما أنه موفر للمياه بنسبة تتراوح بين 15% و20% مقارنة بالأصناف التقليدية، وهو ما يجعله مثاليا للزراعة فى المناطق الجنوبية.
وأضاف أن هذه الأصناف تم اختبارها بعد تجارب موسعة استغرقت العديد من السنوات لضمان ملاءمتها للتربة والمناخ المصرى، وإنتاجها لألياف تتوافق مع متطلبات الأسواق العالمية، خاصة تلك التى تفضل القطن طويل التيلة فى صناعة الغزل.
من جهته، رأى ممدوح حنا عضو شعبة القطن باتحاد الغرف التجارية أن التطوير الحالى لا يكتمل دون دعم مباشر من المزارعين، حيث بدأت الدولة بتوفير التقاوى المعتمدة لهم وضمان وجود الإشراف الإرشادى، وتحديد سعر ضمان للقنطار يتراوح ما بين 10 و12 ألف جنيه مما أعاد الثقة للمزارعين وشجعهم على العودة لزراعة القطن بعد سنوات من العزوف.
وأشار إلى أن مصانع الحلج المطورة ساهمت فى خفض نسبة الفاقد وتحسين جودة القطن الناتج، وهو ما أدى إلى ارتفاع حجم المبيعات المحلية إلى نحو 1.1 مليون قنطار فى الموسم الحالى، فى حين تم تصدير ما يصل إلى 70% من الإنتاج إلى أسواق كبرى مثل إيطاليا وإسبانيا والهند وباكستان.
فيما سلط الدكتور على الإدريسى الخبير الاقتصادى، الضوء على الجانب الصناعى، موضحا أن التوسع فى زراعة القطن يعزز سلسلة القيمة المضافة التى تبدأ من الزراعة وتمر بصناعة الغزل والنسيج إلى أن تصل للتصدير.
وأشار الإدريسى إلى أن صناعة القطن المصرى تعد من أكثر الصناعات كثافة فى العمالة، حيث يرى أن هذا التكامل بين الزراعة والصناعة من شأنه أن يخلق آلاف الوظائف، ويسهم فى رفع القدرة التنافسية للمنتج المصرى فى الأسواق العالمية.
ولفت إلى أن الدولة تخطط لإنشاء عدد من مصانع الغزل الحديثة فى مناطق مثل المحلة الكبرى ودمياط، بالتوازى مع تطوير منظومة التسويق الزراعى لتحقيق العدالة فى توزيع الأرباح، وضمان دخل كريم للفلاحين.