أشرف الليثى
كثير من الناس يعتقدون أن الحروب العسكرية والجيوش هى التى تحسم المعارك بين المتحاربين، وتناسوا حروب الجيل الرابع وماتلاها.
مصر من أكثر الدول المستهدفة الآن من جانب العديد من الأعداء، يمارسون عليها كافة أنواع الضغوط بعيدا عن القوى العسكرية لقناعتهم بتفوق الجيش المصرى، ولذلك نرى الالتفاف الآن ومحاولة استخدام حروب غير تقليدية ومن بينها حرب المياه، خاصة أن أعداء مصر وجدوا ضالتهم فى النظام الإثيوبى الذى يتعاون بشكل فج مع كل ما هو ضد مصر وكأن هدفا أساسيا من أهدافه إسقاط الدولة المصرية.
حرب المياه التى تنفذ ضد مصر ليست فقط فى حجز المياه خلف سد النهضة وحرمان مصر من حصتها التاريخية من المياه- التى تقدر بنحو 55 مليار متر مكعب سنويا- فى محاولة لتعطيش الشعب المصرى وكبح جماح التنمية والمشروعات التنموية الطموحة التى تخطط لها مصر لتحقيق شبه اكتفاء ذاتى من المحاصيل الزراعية عن طريق استصلاح ملايين الأفدنة من الأراضى الصحراوية.
ووسط كل هذه الضغوط وفى صمت تام وبدون أى تهليل ومظاهر الصخب والاحتفالات، قامت مصر بشق أطول نهر صناعى بطول 114 كيلومترا يشق الصحراء الغربية من أجل استصلاح 2.2 مليون فدان، بل وقامت مصر أيضا بإنشاء مفيض توشكى وتطوير وتجديد العديد من القناطر فى إسنا وديروط وأسيوط.
وتساءل البعض كيف تقوم مصر بتنفيذ مثل هذه المشروعات التى تعتمد على تخزين المياه الزائدة عن الحد فى وقت تهدد فيه إثيوبيا دول المصب- مصر والسودان- بحرمانهما من تدفق مياه نهر النيل كما كان يتم عبر التاريخ منذ بداية الخليقة؟
ربما كانت هذه المشاريع كخطوة استباقية لمواجهة خطط الخداع الاستراتيجى من جانب أعداء مصر ليس لمنع وصول المياه إلينا ولكن لإغراق البلاد بتدفق مزيد من المياه لإتلاف الأراضى الزراعية وإغراق عشرات المدن بطول النيل من أسوان حتى رشيد ودمياط.
هذا ما حدث بالفعل حيث تعطلت توربينات سد النهضة فى إثيوبيا، ولم يتحمل جسم السد كميات المياه التى تم تخزينها خلفه مع هطول أمطار غزيرة على النيل الأزرق المنبع الرئيسى لمياه نهر النيل، مما اضطر السلطات الإثيوبية بفتح جميع السحارات وتدفقت المياه عبر الأراضى السودانية وصولا إلى مص بنحو 750 مليون متر مكعب بزيادة قدرها 500 مليون متر مكعب عن المعتاد.
ونجحت مشروعات الرى المصرية فى استيعاب تلك الزيادات غير المسبوقة من المياه، وتم فتح جميع القنوات والسحارات والقناطر وتدفقت المياه عبر النهر الصناعى لتروى الأراضى المستصلحة، وبذلك أجهضت مصر مخطط إغراق مدن صعيد مصر بالمياه فى الوقت الذى تعانى فيه مدن إثيوبيا والسودان من دمار شامل للبنية التحتية نتيجة السيول المتدفقة من المياه المخزنة خلف سد النهضة ومن كميات الأمطار الضخمة التى تتساقط فوق النيل الأزرق.
وكالعادة تحبط مصر المخططات الشيطانية التى تحاك ضدها من أعدائها وأعداء الإنسانية.