فاطمة إبراهيم
المتحف المصرى الكبير يمثل نافذة مصر إلى العالم، وواجهة سياحية عالمية، وغنية بالمقومات التاريخية، والثقافية، فحدث افتتاح هذا الصرح الكبير كيف يؤثر على مستقبل السياحة المصرية خلال الفترة المقبلة؟
أكد العاملون بالقطاع السياحى أن افتتاح المتحف المصرى الكبير يسهم بشكل مباشر فى زيادة تدفق العملة الصعبة، من خلال استقطاب ملايين السائحين من مختلف أنحاء العالم، مشيرين إلى أن المتحف الكبير سيعمل على خلق منظومة اقتصادية متكاملة حوله، من خلال تشجيع الاستثمار، فى الفنادق والمطاعم والخدمات السياحية والبنية التحتية فى منطقة الأهرامات والجيزة، الأمر الذى يفتح آفاقًا جديدة لتوفير الآلاف من فرص عمل للشباب، وتحقيق مردود اقتصادى ضخم يعزز من قوة الاقتصاد الوطنى، ويسهم فى رفع مستوى المعيشة وتحسين الخدمات العامة.
وقال العاملون بالقطاع السياحى لـ “الإيكونوميست المصرية” إن المتحف الكبير يعيد رسم خريطة السياحة العالمية، ويمثل نقطة تحول حضارية وثقافية عالمية، ويعكس قدرة الدولة المصرية على تقديم نموذج متكامل للتميز فى الإدارة والتنظيم والرؤية المستقبلية، لافتين إلى أن المتحف المصرى الكبير ليس مجرد صرح أثرى أو متحف تقليدى، بل هو مشروع وطنى عالمى، يجسد رؤية مصر الجديدة فى توظيف تاريخها العريق، لخدمة حاضرها ومستقبلها، ويبرز الهوية المصرية كقوة حضارية مؤثرة على الساحة الدولية.

وأكد إلهامى الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية سابقا ورئيس مجلس إدارة شركة “إمكو” للسياحة، أن افتتاح المتحف المصرى الكبير له تأثيرات كبيرة على السياحة المصرية، لاسيما أن كل دول العالم منتظرة هذا الحدث منذ فترة، كما أن المتحف الكبير يعد أكبر متحف على مستوى العالم ليس فقط من حيث إنه يغطى حضارة واحدة وهى الحضارة المصرية القديمة، وإنما أيضا من حيث المساحة.
وأضاف أنه موقعه متميز، حيث يوجد مطار سفنكس الجديد مما يعطى فرصة كبيرة للسائحين الذين يرغبون فى قضاء يومين أو ثلاثة فقط، كما أنه يمكنه زيادة منطقة الأهرامات وسقارة ودهشور، ويمكن بعدها أن يزور الأقصر وأسوان والغردقة وشرم الشيخ، على أساس أن مطار سفنكس يخدم المطارات الداخلية.

وأشار رئيس اتحاد الغرف السياحية سابقا إلى أن القطع الأثرية المعروضة فى المتحف الكبير لا تقدر بثمن، مشيرا إلى أن افتتاح المتحف الكبير لن يجذب فقط السائح الجديد، ولكن السائح القديم الذى زار مصر من قبل يعود لزيارة المتحف الكبير، فضلا عن حفل الافتتاح الذى يشارك به رؤساء 20 دولة يزيد من الزخم حول المتحف الكبير.
من جهته، قال رامى فايز عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت الفندقية ورئيس شعبة الفنادق أن افتتاح المتحف المصرى الكبير يعد إضافة لقطاع السياحة المصرية، وهذا يعد أكبر متحف على مستوى العالم يتضمن حضارة واحدة لاغير، فمثلا المتحف البريطانى ومتحف برلين يمثل من 30% إلى 40% من مقتنياته من الحضارة المصرية، إنما المتحف المصرى الكبير متخصص فى الحضارة المصرية فقط .
وأشار فايز إلى أن افتتاح هذا المتحف يضيف إلى عدد الليالى السياحية فى أى برامج تستهدف مصر، ويضيف لعدد الليالى السياحية التى تشغلها فنادق القاهرة الكبرى على وجه الخصوص، لافتا إلى أن ذلك يزيد التدفقات النقدية بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى زيادة رحلات الطيران إلى مصر لأن منتج جديد فى ضخامة افتتاح المتحف الكبير يجعل كل العالم يتجه أنظاره إلى مصر، معتبرا أن مصر تقود الشرق الأوسط من جديد سياسيا واجتماعيا وسياحيا.

من جانبه، قال تامر نبيل عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت الفندقية إن افتتاح المتحف المصرى الكبير تم الترويج له جيدا على المستوى الدولى، مما أدى إلى زيادة عدد الوافدين إلى السياحة فى مصر، ومن لم يتسن له المجىء سيضعه فى خطته السياحية القادمة، مشيرا إلى أن ذلك يضاعف من الإيرادات السياحية، وزيادة الدخل القومى، وزيادة مواردنا من النقد الأجنبى .
ووصف عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت الفندقية افتتاح المتحف المصرى الكبير بالحدث الضخم، مشيرا إلى أن الافتتاح سيساعد فى تحسين صورة مصر عالميا كوجهة ثقافية وحضارية آمنة، مما يعزز ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى ويدعم تدفق الاستثمارات الأجنبية خصوصا فى مجالات السياحة، والعقارات، والبنية التحتية.
ولفت نبيل إلى أن المتحف الكبير يسهم فى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة أثناء التشغيل والصيانة والإدارة، وكذلك فى الأنشطة المساندة مثل التسويق والخدمات اللوجستية والأمن، مما ينعكس بالإيجاب على معدلات التشغيل والدخل المحلى. بالإضافة إلى ذلك، فإن قرب المتحف من أهرامات الجيزة سيجعل المنطقة مركزا سياحيا متكاملا، مما يشجع على تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويزيد من العائد الاقتصادى المحلى.

فيما أفاد سامى سليمان رئيس جمعية مستثمرى طابا نويبع بأن الشعب المصرى مضياف، ومصر ربنا حباها بالعديد من المزايا لا تتوافر فى دولة واحدة، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى قام بتنمية الطرق والكبارى، والعديد من المشروعات السياحية مثل العلمين، ومرسى علم، والغردقة، وشرم الشيخ .
وأضاف أن المتحف المصرى الكبير يمثل نقلة حضارية للعالم كله، ويوجد أكثر من 20 رئيس دولة فى العالم يحضر الافتتاح، يلى ذلك احتفال التجلى الأعظم بسانت كاترين وتشغيل الخط البرى بين طابا ومصر، مشيرا إلى أن اعتدال المناخ فى معظم فصول العام، والشمس لا تغيب طوال العام.
ولفت سليمان إلى أن مصر بإمكانياتها، وتنوع أنواع السياحة من سياحة ترفيهية وعلاجية وثقافية وشاطيئة ودينية، تحقق أرقاما أعلى بكثير من 30 مليار دولار، مطالبا بتدريس السياحة من الحضانة إلى الجامعة.
ونوه رئيس جمعية مستثمرى طابا نويبع إلى أن الاستقرار الذى تتمتع به مصر والذى يعكسه زيارات رؤساء العالم، سيكون لها تأثيرات كبيرة على ارتفاع أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، ويعد أكبر إعلان وأفضل وسيلة ترويجية للسياحة المرية واستقرار الأوضاع .
وطالب شركات الدعاية بأن تصنع منتجات تمثل ذكرى لهذا الحدث العالمى، مثل تيشرت، مج أو أدوات مكتبية، أو مشغولات يدوية، تخلد ذكرى هذا الحدث.
الجدير بالذكر أن فكرة إنشاء المتحف المصرى الكبير بدأت فى تسعينيات القرن العشرين ليكون أكبر متحف بالعالم يضم آثار الحضارة المصرية القديمة، وأخذت الفكرة فى التبلور والتطور حتى أصبح المتحف واقعا فى عام 2025.
ووضع الرئيس المصرى الأسبق محمد حسنى مبارك حجر أساس المشروع فى فبراير 2002 بالقرب من أهرامات الجيزة بعد إجراء الدراسات الأولية، وأطلقت مصر فى العام ذاته مسابقة معمارية دولية لأفضل تصميم للمتحف تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والاتحاد الدولى للمهندسين المعماريين.

وفى يونيه 2003 فاز بالمسابقة تصميم مقدم من مكتب استشارى صينى أيرلندى يتخذ من دبلن مقرا، والذى اعتمد على أن تمثل أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة عند التقائها كتلة مخروطية هى المتحف المصرى الكبير، كما يبدو المتحف نفسه من منظور رأسى على شكل هرم رابع.
وبدأت بعد ذلك عمليات التمهيد وإزالة العوائق الطبيعية واستمرت نحو ثلاث سنوات حتى تدشين عمليات الإنشاء فى مايو 2005 بقرض تنموى من هيئة التعاون الدولى اليابانية.
وفى عام 2006، بدأ إنشاء مركز ترميم الآثار بهدف ترميم وصيانة القطع الأثرية المقرر عرضها داخل المتحف وإعادة تأهيلها.
وفى يونيه، 2010 افتتحت سوزان مبارك قرينة الرئيس الأسبق مبارك مركز الترميم ومحطتى الطاقة الكهربائية وإطفاء الحريق بمشروع المتحف المصرى الكبير بعد الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية من المشروع.
وتوقف العمل فى المتحف بعد ثورة 25 يناير2011 لكن فى عام 2014 أعاد الرئيس عبد الفتاح السيسى العمل بالمشروع.
وصدر قرار من مجلس الوزراء عام 2016 بإنشاء وتنظيم هيئة المتحف المصرى الكبير قبل أن يصدر القانون رقم 9 لعام 2020 بإعادة تنظيم هيئة المتحف كهيئة عامة اقتصادية تتبع الوزير المختص بشئون الآثار.
فى يناير 2018، جرى نقل تمثال الملك رمسيس الثانى إلى موقع المتحف ليكون أول قطعة أثرية تستقر داخله.
واكتملت أعمال تشييد المتحف فى 2021 على مساحة نحو 500 ألف متر مربع بما يشمل بهو المدخل والدرج العظيم، وقاعات الملك توت عنخ آمون، ومتحف الطفل، والمبانى الأمامية الخدمية، وأنظمة التذاكر والتأمين والمراقبة ومناطق انتظار السيارات.
وبدأ التشغيل التجريبى للمتحف، الذى صمم لاستيعاب أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، فى 16 أكتوبر 2024.
وفى 25 فبراير 2025، قررت الحكومة المصرية إقامة حفل افتتاح رسمى للمتحف فى الثالث من يوليو بحضور قادة وزعماء العالم لكن اندلاع صراع عسكرى بين إسرائيل وإيران أدى إلى توتر سياسى إقليمى مما دفع السلطات المصرية لتأجيل الحفل حتى الأول من نوفمبر الجارى.






