الإيكونوميست المصرية
كيف نحقق أقصى استفادة من الزراعة لزيادة الناتج المحلى؟

كيف نحقق أقصى استفادة من الزراعة لزيادة الناتج المحلى؟

فاطمة إبراهيم
تعتبر الزراعة من أهم القطاعات الحيوية فى مصر، حيث تلعب دورا أساسيا فى الاقتصاد الوطنى وتوفير الأمن الغذائى، وتشغيل العمالة، وفى الفترة الأخيرة واجهت الزراعة العديد من التحديات، فكيف يمكن التغلب على تحديات القطاع الزراعى لتحقيق أقصى استفادة منه؟ وما فرص النمو فى القطاع؟
أكد الخبراء أن الدولة تولى أهمية كبيرة للقطاع الزراعى، لما به من فرص هائلة للنمو، ولتحقيق أقصى استفادة بهذا القطاع يجب التغلب على التحديات والمشكلات التى تواجهه، ومن بينها مشكلة نقص المياه، وارتفاع تكلفة البنية الأساسية لتطويع الأراضى للزراعة، فضلا عن الافتقار إلى العمالة المدربة، وضعف إنتاجية الفدان، وكذلك التغيرات المناخية.
وتمثل الزراعة ما بين 11% إلى 13% من إجمالى الناتج المحلى، وتسعى الدولة لزيادة الصادرات الزراعية إلى 11 مليار دولار، مع استمرار الزيادة السنوية بنسبة تتراوح من 15% إلى 20%.
وأضاف الخبراء لـ”الإيكونوميست المصرية” أن مصر تعمل على إعادة تدوير مياه البحر وتحليتها، واستخدام الطرق الحديثة فى الرى بالرش، والتنقيط لتقليل الفاقد من الماء، فضلا عن استخدام المحاصيل الزراعية قليلة استهلاك المياه، للتغلب على مشكلة نقص المياه، وتعمل كذلك على استخدام الوسائل التكنولوجية فى الزراعة، وزراعة المحاصيل ذات الإنتاجية الأعلى، والاهتمام بتدريب العمالة بما يقلل الفاقد والهدر.
الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أشارت إلى أن القطاعين الزراعى والصناعى من أهم أعمدة الإصلاح الهيكلى، لما بهما من موارد هائلة، وفرص ضخمة للنمو، من حيث توفير فرص عمل، وزيادة حجم الناتج، وزيادة فرص التصدير، والتوظيف، مشيرة إلى أن الزراعة تظل هى القطاع الذى يعمل به القطاع الأكبر من المصريين، ويرتبط بمكافحة الفقر بنسبة أعلى.
وأضافت أنه مع تطوير قدرات القطاع الزراعى، واستخدام التكنولوجيا، ورفع مهارة العمالة ترتفع الإنتاجية ومن ثم زيادة الدخول، ورفع مستوى معيشة الأفراد، مشيرة إلى أن الصناعات الغذائية مرتبطة بشكل رئيسى بالقطاع الزراعى، ومن ثم توفير السلع الزراعية بالأسعار المناسبة وبالتنافسية المناسبة يمثل ركيزة أساسية للنهوض بالصناعات الغذائية.
وأشارت د. يمن الحماقى إلى أن فرص الاستثمار فى القطاع الزراعى هائلة، ووفقا لخرائط استثمارية واضحة وتوفر فرص عمل، غير أن استفادة المُصدر يكون على حساب المنتج والموزع، ولذلك فإن سلاسل الإنتاج تحتاج إلى التطوير، وكذلك إنتاجية العمالة التى تخرج من المدارس الزراعية والفنية ضعيفة، مشيرة إلى أن المتابعة فى الدراسات الميدانية التى تتم فى الصعيد تشير إلى إمكانيات هائلة لتطوير فرص مهارات العمالة، وهذا يقلل الفاقد والهدر، وينعكس على تنافسية الصناعات التى يتم تصديرها.
ونوهت أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس إلى أنه يمكن توسيع سلاسل الإمداد بزيادة القيمة المضافة لكثير من الحاصلات وفقا للخريطة الاستثمارية، فمثلا النباتات الطبية والعطرية من خلالها نصنع خامات دوائية، وكذلك فاقد محاصيل الطماطم والبرتقال يمكن استخدامه كعلف للحيوانات، مشيرة إلى أن لدينا الكثير من المشروعات لكن ما ينقصنا هو البعد المؤسسى فى وضع نماذج لها لتنفيذها على أرض الواقع.
وعن التحديات التى يواجهها القطاع الزراعى قالت د. يمن الحماقى: إن الفقر المائى وارتفاع تكلفة تحلية المياه يمثل أحد أهم هذه التحديات، ومصر لديها خطط كثيرة جدا لتحلية المياه وإعادة تدويرها، لحسن استغلال المياه.
من جهته، قال الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادى: إن الرقعة الزراعية ظلت ثابتة لفترة طويلة عند 9.5 مليون فدان رغم زيادة السكان، وأضفنا خلال آخر عامين ثلث مساحة الرقعة الزراعية بنحو 3 ملايين فدان، ونستهدف الوصول إلى 17 مليون فدان، مشيرا إلى أن الحكومة بدأت تهتم بالزراعة بعد أزمة كورونا، والصراع الروسى الأوكرانى.
ورأى أن المشكلة أن مصر تستورد جزءا كبيرا من المحاصيل الاستراتيجية من الخارج، فعلى سبيل المثال نستهلك من القمح 22 مليون طن سنويا، فى حين أن إنتاجنا لا يتجاوز 11 مليون طن، ونستورد الباقى من الخارج، كما أننا نستورد أكثر من 80% من الأعلاف فى قطاع الدواجن، وهذا يمثل ضغطا على مواردنا من النقد الأجنبى، ومن ثم يعرض سعر الدولار للتذبذب، وهذا يكون له تأثير على تكلفة إنتاج الدواجن واللحوم بشكل عام.
ونوه د. شعيب إلى أن أحد تقارير منظمة الغذاء العالمية لعام 2024 حذر من أن نحو 10% من سكان العالم قد يواجهون خطرا حادا فى نقص التغذية، وأغلبها فى أفريقيا وآسيا، ومن ثم بدأت الدولة تهتم بالقطاع الزارعى، مشيرا إلى أن أحد التحديات التى تواجه القطاع الزراعى تتمثل فى جعل الأرض صالحة للزراعة، وارتفاع تكلفة البنية الأساسية لتطويع الأرض للزراعة.
وتابع الخبير الاقتصادى أن مصر تعانى من مشكلة نقص المياه اللازمة للزراعة، ولذلك اتجهنا إلى تحلية مياه البحر، وإلى زراعة المحاصيل قليلة استهلاك المياه، فضلا عن التغيرات المناخية وهذا تحدٍ يواجه العالم بأكمله، مشيرا إلى ضرورة تدخل الحكومة فى نظام الدورة الزراعية والتخطيط للزراعة، حتى لا يزرع كل مواطن وفقا لرغبته، وبالتالى يصبح لدينا فائض فى بعض السلع وعجز فى أخرى.
ولفت د. شعيب إلى ضرورة زراعة المحاصيل ذات الإنتاجية الأعلى، والمحاصيل قليلة الاستهلاك للمياه، وتحلية مياه البحر واستخدامها، واستخدام طرق الرى الحديثة، كل ذلك يمثل حلولا لزيادة إنتاجية القطاع الزراعى، ومن ثم توفير احتياجاتنا داخليا، ويكون لدينا فائض لتصديره للخارج.
من جانبها، ذكرت الدكتورة حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية أن مصر حققت خطوات متميزة فى هذا القطاع لاستصلاح ملايين من الأراضى الزراعية، والتفوق فى العديد من المجالات، وتحقيق وفرة فى العديد من المحاصيل الزراعية، ومن ثم انخفاض أسعار الخضراوات والمحاصيل الزراعية.
وأضافت أن المشكلة تتمثل فى بيع أراضٍ زراعية أو مستصلحة لمستثمر أجنبى توفر الأمن الغذائى للخارج وليس للداخل، ولهذا نجد أننا لم نلمس انخفاضا فى أسعار الفواكه عل الرغم من وفرة الإنتاج وذلك لأنها تتجه للتصدير، مطالبة بتوسع مصر فى إنتاج بعض المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح.
ونوهت د. حنان رمسيس إلى أنه للتغلب على مشكلة المياه يمكن حفر آبار، للاستفادة بها فى إضافة مساحات جديدة من الأراضى المستصلحة، مشيرة إلى أهمية القطاع الزراعى فى تشغيل العمالة والصناعات المكملة، مثل تجفيف الحاصلات الزراعية وتصديرها للخارج، وتحقيق قيمة مضافة، وتوفير الأمن الغذائى.
وأكدت الخبيرة الاقتصادية على ضرورة احتفاظ مصر بالأراضى الجيدة الصالحة للزراعة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *