الإيكونوميست المصرية
المخازن قنابل موقوتة… بقلم محمد فاروق

المخازن قنابل موقوتة… بقلم محمد فاروق

بقلم: محمد فاروق

يبحث رجال الأعمال دوما عن الربح وهو هدفهم الأساسى، ومن المشروعات المربحة جدا فى مصر حاليا، تخزين البضائع، خاصة التى يتم استيرادها من الصين فى “كونتينرات” أياً كان نوع البضاعة، فيتم أولاً استيراد “الكونتينر”، ثم يمر على المخازن المنتشرة حاليا فى كل ربوع مصر، ويفرغ الكونتينر فى كل مخزن جزءا من البضاعة حتى يتم تفريغه بالكامل، ثم يبدأ التاجر فيما بعد بتوزيع هذه البضائع على تجار الجملة أو مباشرة إلى تجار التجزئة ليجنى أرباحا طائلة من وراء فرق الأسعار الضخم بين التكلفة والمبيعات.
وحتى تكتمل المنظومة، فلابد من وجود عامل فى غاية الأهمية وهو المخازن الضخمة المنتشرة فى أماكن كثيرة متفرقة ويفضل أن تكون قريبة من أماكن التوزيع لتقليل النفقات، الأمر الذى أدى لتفشى ظاهرة فى منتهى الخطورة وهى وجود المخازن تحت العمارات السكنية وداخل الأحياء الآهلة بالسكان، والتى انتشرت فى الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ.
هذه المخازن صارت تمثل تهديدا صريحا للسكان، خاصة بعد أن تعرض الكثير منها للحرائق الضخمة والحوادث المتكررة.
وخطورة هذه المخازن يرجع لأن غالبيتها عشوائية وتقع داخل مناطق سكنية، ولا تلتزم بمعايير السلامة أو الوقاية من الحرائق، إلى جانب سوء التخزين الذى يتم بطرق غير آمنة وفى أماكن غير مخصصة لذلك، بحيث يتم تكديس بضائع غالبيتها قابلة للاشتعال مثل الأخشاب، ومواد الطلاء، والبلاستيكات، والملابس والمنسوجات والمفروشات، والأجهزة الكهربائية، وغيرها.
كما أن معظم هذه المخازن لا تحتوى على أنظمة إطفاء تلقائى أو مخارج طوارئ، أو نظم تهوية جيدة، كما أن التوصيلات الكهربائية بها بدائية مما يعرضها للضغوط العالية وأخطار الماس الكهربائى ومن ثم الحرائق.
ولا تقف المخاطر التى تشكلها هذه المخازن على السكان عند الحرائق، بل تمتد للمخاطر الصحية والبيئية إذا تم تخزين مواد كيميائية خطرة أو مواد مسرطنة تشكل خطرا على صحة المواطنين.
إلى جانب ما تسببه من ضيق للسكان بسبب السيارات الضخمة التى تتعامل مع تلك المخازن، والضوضاء الناجمة عن تحميل البضائع وتفريغها.
وهنا يأتى دور الدولة فى الحفاظ على المواطنين وممتلكاتهم، وذلك من خلال وضع القوانين واللوائح المنظمة لعمل تلك المخازن وأماكن تواجدها وطرق عملها.
وضرورة نقل المخازن التى تضم موادا خطرة أو قابلة للاشتعال إلى خارج النطاق العمرانى.
كما يجب إلزام تلك المخازن بتطبيق قوانين السلامة والصحة المهنية، وقيام أجهزة الحماية المدنية والأحياء والأجهزة المعنية باستمرار بتفتيش ورقابة تلك المخازن، ومراقبة تطبيق معايير السلامة، وإلزام أصحاب المخازن بتوفير أنظمة إطفاء فعالة، ومخارج طوارئ، واستخدام مواد بناء مقاومة للحرائق، والتأكد من تخزين المواد بشكل آمن ومناسب لنوعها.
فالحفاظ على روح المواطن وأمنه وممتلكاته يتعارض تماما مع وجود مثل هذه المخازن أسفل المبانى السكنية، فما بالكم لو كانت هذه المخازن مكدسة بالمواد الخطرة القابلة للاشتعال، وفوق كل ذلك لا تلتزم بمعايير الأمن والسلامة.. كل هذا يمثل مزيجا يؤدى فى النهاية لوجود قنبلة موقوتة موضوعة أسفل منزل المواطن الذى لن ينقذه من هذا الوضع الخطير سوى تحرك الدولة للحد من انتشار هذه الظاهرة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *