الإيكونوميست المصرية
رمضان كريم ——- بقلم وائل علما

رمضان كريم ——- بقلم وائل علما


م. وائل علما
رئيس لجنة الصناعة
جمعية رجال الأعمال المصريين

مر شهر رمضان سريعا كما تمر دائما الأيام العطرة والليالى الجميلة، وبانتهاء الشهر الفاضل رحت أسرح فى بعض الخواطر عما مررنا به فى أجمل شهور العام. بدأت بتذكر الأيام القليلة السابقة لرمضان وما تصير عليه شوارع القاهرة من ازدحام شديد وكأن ما لم يقضى قبل رمضان فلا يمكن قضاؤه فى رمضان، مرور بالتهافت المجنون على شراء السلع الغذائية وكأننا نستعد لمعركة استهلاكية ومسابقة لهدر الطعام وليس لأمر إلهى بالصوم وتقليل الاستهلاك.
جاءت الأيام الأولى من رمضان والتى تمثل قمة الانخفاض الإنتاجى فى مختلف الأعمال حيث يتغيب الكثير من أرباب الأعمال والموظفين، وحيث تكثر المشاحنات فى الشوارع وأماكن العمل والمنازل والتى تصل إلى ذروتها فى الأيام الثلاثة الأولى من الشهر، لكن الأجمل فى هذه الأيام الأولى هو التجمعات العائلية ولم شمل الأسر حول موائد الإفطار.
انتقلت إلى هيستريا المسلسلات وما يتخللها من إعلانات، أو فى الواقع الإعلانات وما يتخللها من مسلسلات، وكالعادة تضمنت الإعلانات فيضان إعلانات الجهات الخيرية المختلفة، وكأن المحتاجين لا يتواجدون إلا فى رمضان، وكأن الخير لن يقبل غير فى رمضان. وبالطبع كان هناك برنامج المقالب الشهير الذى يفاجئنا كل عام بابتكار أرذل من العام السابق، والمدهش أنه مازال يحقق أعلى نسب المشاهدة! علمت ممن يتابعون المسلسلات الرمضانية أن نسبة الجرأة والتجاوزات فى ازدياد مستمر كل عام وهو أمر شديد التناقض مع قدسية الشهر.
كان هناك كالعادة معضلة المواعيد، فلا تستطيع الاتصال بأحد قبل الساعة الحادية عشر صباحا، ثم تخجل من الاتصال قبل الإفطار بساعات حيث يخلد البعض لنوم القيلولة، وبعد الإفطار هناك من يصلى التراويح، وبعدها يوجد من ينام مبكرا كأمثالى. وفى النهاية لا يتبقى من اليوم غير النذر اليسير من الوقت مما يمكن أن تقضى فيه الأعمال.
كانت المساجد مليئة بالمصلين خاصة فى صلاة التراويح، ومازال هذا الشهر المبارك هو المصدر الأول للشحنات الروحية لكثير من الناس، يستعينون بها على الحياة المادية طوال العام ويتقربون فيه إلى الله أكثر من أى وقت آخر، وكان هناك بالطبع أجمل ابتكار مصرى ألا وهو موائد الرحمن، كما كان هناك الشباب الذين يقومون بتوزيع عصائر وماء للسيارات وقت الإفطار، وهو شعور جميل وعمل محمود، إلا أننى أتمنى أن يكون وقوفهم على جانب الطريق وليس فى وسطه فلا يعرضون أنفسهم للخطر والسيارات للحوادث، إضافة إلى تعطيل من يحاول اللحاق بموعد الإفطار.
مع ارتفاع تكلفة عمرة رمضان بشكل غير مسبوق، فمازال المصريون يمثلون أكبر أعداد المعتمرين، ويقومون بإنفاق الكثير فى العمرة، فى حين أن هناك من لا يجد الطعام والملبس والدواء والتعليم، والواقع أن هذا جزء من حالة التدين الشعائرى البعيد عن جوهر الدين والمفتقد لأبسط قواعد فقة الأولويات، وهو أيضا جزء من منهج اتباع الأهواء فى العبادة حيث يتوجه المرء لما يتوافق مع هوى نفسه وما يجلب له الراحة النفسية فقط وليس لما سنه الله له فى عبادته.
مع انتهاء الشهر كان الإعلان الرسمى عن عدد أيام إجازة عيد الفطر قبل العيد بيوم واحد، وهى عادة سنوية لا تستطيع الحكومة التخلى عنها، وكأن العيد قد جاء فجأة ولا يمكن أن يكون الأمر أكثر تنظيما فيتم إعلام المواطنين مقدما فى بداية العام عن مواعيد جميع الإجازات حتى يمكنهم القيام بترتيب أمورهم مسبقا.
وأخيرا جاء الإعلان الكئيب عن زيادة أسعار المحروقات مع حلول العيد، وكان قد جرى التمهيد له قبل أسابيع بأسلوب الإعلام الموجه الستيناتى.
المهم أن رمضان كان كريما وسيظل كريما، وعسى الله أن يتقبل من كل من صام وقام، وبر أهله ووصل رحمه. وكل رمضان وحضراتكم بخير.

Related Articles