بقلم – غادة طلعت
صيد الأسماك بالسنارة رياضة عالمية، لها أندية ومنظمات وأعضاء، ولها محطات تليفزيونية وصحف ومجلات تتابع أنشطتها وتنظم مسابقات بين الهواة والمحترفين وعددهم بالملايين منتشرون فى جميع دول العالم بأمريكا وأوروبا. صناعة كاملة نحن غائبون عن صفوفها الأمامية وهى صناعة تحقق الملايين ولها منظمون وشركات متخصصة تروج لها، وبالنسبة لبحيرة ناصر فإنها تأتى الثالثة فى الترتيب أفريقيا؛ فالأولى بحيرة فكتوريا ثم بحيرة فى كينيا ثم بحيرة ناصر التى تعتبر أكبر بحيرة صناعية فى العالم، ويتم الصيد بالسنارة فى الأخوار الهادئة الجانبية بعيدا عن مناطق الصيد بالشباك، وهناك التزام من السائح الذى يستمتع بعملية الصيد والمناورة مع الأسماك بأن تتم إعادة السمكة التى اصطادها بعد جهد جهيد إلى المياه مرة ثانية ليستمتع بعدها هاو آخر.
وتتميز بحيرة ناصر بأن أسماك الأخوار يصل وزنها إلى 25 كيلوجراما، وأشهر أسماك بحيرة ناصر الساموس والبلطى وكلب البحر (الريا) والقرموط. وماذا بعد سياحة الصيد؟ يأتى مشروع مدينة ومجتمع محلى يقوم على استغلال تماسيح بحيرة ناصر بأسوان، كل تمساح يأكل فى اليوم 20 كيلوجراما من الأسماك، ويبلغ عدد تماسيح البحيرة حسب آخر الإحصائيات لهيئة تنمية البحيرة 40 ألف تمساح، تأكل نحو ما يقرب من مليون كيلوجرام من أجود أنواع الأسماك كخسائر يومية تقدر بالملايين بل والمليارات على فترات زمنية متباعدة فتضيع هذه الثروات دون أن تستفيد منها الدولة.. وليكن الهدف الأساسى حل مشكلة التماسيح واستغلال الموارد من الأسماك التى ستوفر لمصر إنتاجا وفيرا من الثروة السمكية التى تضيع هباء.
من المعلوم أن من أهم القضايا التى تشغل الرأى العام هى قضية زيادة عدد التماسيح فى بحيرة ناصر عن العدد الذى يحقق التوازن البيئى.
الفكرة ملائمة لاستغلال تماسيح البحيرة وكيفية الاستفادة منها وعدم إهدار الثروة السمكية كوجبة للتمسايح، كما فى استراليا ودول أواسط أفريقيا المشهورة بالتماسيح والغابات الاستوائية.
وقد يكون مقترحا لموقع المشروع منطقة وادى العلاقى على بعد 200 كيلومتر من محمية وادى العلاقى (حق انتفاع للأرض أو بيع مباشر).
وملامح المشروع كالآتى: تصميم مجتمع عمرانى نوبى قائم على السياحة من خلال تماسيح بحيرة ناصر فى ضوء المعايير البيئية مع الاطلاع على استخدامات التماسيح على مستوى العالم وحجم الاستثمارات التى تبلغ المليارات من الدولارات سنويا ومدى فائدة جلود التماسيح والأصداف السطحية لظهر التمساح بالإضافة إلى دمائه التى تستخدم فى مستحضرات طبية وبعض الأماكن به التى تستخدم كمنشطات حيوية، حيث يمكن استغلال العدد الكبير من التماسيح فى 3 أمور أساسية.
أولا: جلود التماسيح فى بعض الدول تباع بالسنتيمتر مثل أوغندا واستراليا حيث وصل حجم صادرات التجارة العالمية فيها إلى 86 مليار دولار طبقا لإحصائيات منظمة التجارة العالمية، لذلك يجب استغلال الموارد التى تتميز بها مصر ولا تجد الاهتمام الكافى بها، فالمشكلة ليست نقص الموارد بل الإهمال فى استغلالها.
ثانيا: المنشطات الحيوية والجنسية التى تستخرج من بعض أعضاء التمساح التناسلية بإضافة مواد كميائية وبيعها.
ثالثا: بعض الدول تأكل لحوم التماسيح كالدول الأفريقية وتعتبر وجبة أساسية بها.
وهناك جدوى اقتصادية وأهمية لذلك المشروع بالنسبة لأهالى النوبة فهو يعالج مشكلة التهجير لهم حيث إنه سيكون بمثابة منطقة تراثية لإعادة توطينهم بأنشطة مختلفة خلف السد العالى مما يساهم فى حل مشكلة التكدس على الوادى والدلتا ويفتح آفاقا لصيد الأسماك والصناعات القائمة عليه حيث إن الهدف من المشروع هو إنشاء مجتمع محلى نوبى يسكن به أهل النوبة فى ضوء استراتيجية الدولة لإعادتهم إلى موطنهم الأساسى خلف السد العالى.. يعملون بهذه الأنشطة وتوفير فرص عمل ضخمة للشباب باستخدام موارد جديدة.
وإجمالى المشروع مقترح على مساحة 120 فدانا ويوفر فى المتوسط من 200 ألف إلى 500 ألف فرصة عمل جديدة.
ويضم المشروع منطقة الصناعات الجلدية.. منطقة المستحضرات الطبية والحيوية.. الورش اليدوية لأصداف وعظام التماسيح.. متاحف الأحياء المائية والنهرية بالإضافة إلى فنادق ووحدات إقامة للسائحين بها حمامات سباحة مع التماسيح.
ومعايير الأمان فى هذا المشروع على أحدث التكنولوجيا، حيث إن الأحواض الزجاجية للسباحة مع التماسيح تعتبر نمطا من أنماط مايسمى بسياحة المغامرة.. ينزل السائح فى حوض من الزجاج المقوى مع التماسيح خاضعا تماما لكافة النواحى الأمنية للأشخاص والسلامة البيئية لهم.
وتستفيد مصر اقتصاديا من ذلك المشروع من خلال تصميم المشروع على محورين أساسيين يرتبط كل محور منهما ببرك التربية والعناية بالتماسيح، فالمحور الأول هو المنطقة الصناعية والحرفية والتى ترتبط ببرك التربية والعناية ويبدأ بمنطقة الأفران الشمسية وأحواض الصيد للتماسيح ثم إلى أماكن الفصل الحيوى للتماسيح ثم إلى ثلاث مناطق أساسية وهى ورش الجلود والمنتجات الجلدية ومعامل المستحضرات الطبية والحيوية والورش الحرفية اليدوية لعظام وأصداف سطح التماسيح، والمحور الثانى للمشروع يبدأ أيضا بمنطقة التربية والعناية ثم إلى مناطق المشاهدة للتماسيح فى بيئتهم الطبيعية وصولا إلى حمامات السباحة مع التماسيح ووحدات الإقامة للسياح والزائرين ومتاحف الأحياء النهرية والمطاعم والكافيتريات على الطراز النوبى.
وإذا تحدثنا عن الاستفادة التى ستجنيها الدولة من صيد التماسيح فسنجد أن التماسيح تعد ثروة مهدرة وعندما يتم استثمارها بعد السيطرة عليها سيوفر ذلك آلاف الأطنان من الثروة السمكية التى تفقد يوميا بسبب التهام التماسيح لها.. فهذا سيوفر مكاسب اقتصادية تقدر بنحو 300 مليون دولار سنويا بخلاف الجانب السياحى الذى يحقق أضعاف أضعاف هذه القيمة شهريا. أى أننا سنستفيد من حجم الاقتصاد القائم على التماسيح وسنستفيد أيضا من الأسماك التى كانت تتغذى عليها التماسيح.
وذلك مع اتباع أساليب الصيد مع اللوائح البيئية العالمية بحكم أن التماسيح من الكائنات المهددة بالانقراض.
ويتم صيد التماسيح حاليا عشوائيا بدون أى أساليب علمية، أما عندما تتم إقامة المشروع سوف يقنن هذا الصيد بيئيا وبأساليب محكمة لا تؤثر على التوازن البيئى بالبحيرة بين الأسماك والتماسيح.
وأخيرا إذا تحدثنا عن الجانب المجتمعى الاستثمارى للمشروع، فسنجد أن التصميم يضم منطقة الأسواق الحرفية التى تكمل المشروع وتربطه بطريق العلاقى ـ أسوان ويتم فيها بيع المنتجات التى يتم تصنيعها بالمشروع من شنط وأحذية ومنتجات جلدية ومستحضرات طبية ومنشطات حيوية ومشغولات حرفية. لذلك تعد بحيرة ناصر البنك المركزى المائى لمصر الذى حان توقيت استغلاله لجنى العوائد والفوائد للوطن وأبنائه.