المهندس أحمد سليم رئيس مجلس إدارة شركة “بريكزى لإدارة المشروعات” ومجموعة “كايرو كابيتال” واحد من القلائل الذين يملكون بجانب الخبرة الرؤية المستقبلية الرائعة والقدرة على قراءة جيدة للواقع، ولذلك دائما ما نلجأ إليه للتعرف على حقيقة الأوضاع داخل السوق العقارية المصرية خاصة أن هذه السوق تمر الآن بمرحلة فاصلة ما بين أوضاع تعودت عليها لفترات طويلة ومرحلة قادمة من التطور والإصلاح الهيكلى لابد أن يواكبها خروج شركات كثيرة وعدم استمرار الهواة من المطورين العقاريين أو من لا يملك خبرة جيدة ولا يستطيع أن يقدم منتجات حديثة تواكب هذا التطور.
المهندس أحمد سليم لديه وجهات نظر بشأن المدن الجديدة والقطاعات التى سيكون لها نصيب كبير من التطور والمناطق التى ستجذب المطورين العقاريين والخريطة العقارية العالمية وتوقيت تواجد السوق المصرية عليها وقضايا أخرى كثيرة سنتعرف عليها خلال هذا الحوار الشيق والمهم..
وإلى الحوار الذى أجراه: أشرف الليثى
• هل حققت شركة بريكزى المستهدف خلال عام 2019؟
كان المستهدف البيعى لشركة بريكزى تحقيق 7 مليارات جنيه خلال عام 2019 عبارة عن بيع مشروعات ووحدات عقارية لصالح الغير ولكن للأسف لم يتحقق سوى 4 مليارات جنيه فقط مبيعات وذلك نتيجة عدم انتهاء القرارات الوزارية والتراخيص الخاصة بعدد من المشروعات التى كانت مدرجة ضمن خطة المستهدف لنا ولم تنته الرخص حتى الآن وسوف تنضم للخطة المستهدفة للعام القادم.
• هل تأخير التراخيص نتيجة وضع السوق الآن مما أثر على حجم المبيعات؟
لا، إطلاقا. التأخير جاء نتيجة عدم الانتهاء من القرار الوزارى لكل مشروع فقط وليس له أى علاقة بوضع السوق وكلها إجراءات إدارية فقط وبمجرد الانتهاء منها سيتم إدراجها ضمن خطة المستهدف.
• وبالنسبة لكايرو كابيتال، هل حققت المستهدف؟
العام الماضى كان هناك تركيز فى إنشاء وحدات إسكان فى منطقة حدائق أكتوبر وتم بالفعل تنفيذ وبيع ما يقرب من 500 وحدة إسكان متوسط وهى الآن فى مرحلة التسليم، وخلال هذا العام 2019 هناك مشروعان بدأنا فى عمليات الإنشاء الخاصة بهما؛ أحدهما بالقرب من المتحف المصرى الجديد “آتون” ومستهدف بيعه للجمهور الأجنبى ولن يتم بيعه إلا بعد الانتهاء من 50% من إنشاءاته وسيتم بيع المتر مبدئيا فى حدود ألفى دولار وسيكون عبارة عن شقق فندقية.
• كيف ترى السوق العقارية المصرية الآن؟
كان عدد شركات التطوير العقارى بالسوق المصرية منذ خمس سنوات تقريبا لا يتعدى 10 شركات كبرى وغالبيتها مدرجة فى البورصة، وبمجرد طرح أى مشروع كان تتم المضاربة عليه لأن عدد الطلبات كان يفوق المعروض، والمشروعات التى كانت مطروحة كان عددها قليلا للغاية، لكن الوضع الآن اختلف وأصبح حجم المعروض معقولا، وبدأ الجمهور يتجه للمشروعات المميزة، ومن الممكن أن يطلق على السوق العقارية المصرية الآن أنها فى مرحلة تصحيح للأوضاع وأصبح لأول مرة لدينا سوق عقارية حقيقية، وبدأت الدولة تقوم بعملية تصحيح للأوضاع بصفة مستمرة وإصدار تشريعات مناسبة، وصار لديها خبرة فى التعامل مع المستثمرين، ورغم ذلك فمازلنا فى بداية الطريق وأمامنا مشوار طويل، وبدأ المطورون العقاريون يطورون من منتجاتهم ويبحثون عن التميز باستمرار، وبدأت بالتالى شركات التسويق العقارى فى تطوير أساليب وطرق البيع والتسويق، والشركات الضعيفة هى التى سيكون من الصعب استمرارها مستقبلا فى ظل عمليات التصحيح هذه ولن يستمر سوى الشركات التى لديها خبرة وعندها مزايا تقدمها للجمهور، أما الشركات التى دخلت السوق خلال الثلاث سنوات الماضية فسيكون استمرارها مشكوكا فيه.
ومن المعروف أن العقارات صناعة مهمة جدا ولها أسس وأى شركة تتعامل مع هذه الصناعة لابد أن يكون لديها المقومات التى تجعلها تنطلق وتستمر.
• هل مع تصحيح أوضاع السوق العقارية سيكون هناك اختفاء لفئات طفيلية دخلت السوق خلال الفترة الماضية؟
بالطبع هناك فئات كانت تقوم بعمليات مضاربة وتضر بالسوق وكان كل نشاطها يعتمد فقط على سداد المقدم فى أى مشروع يتم طرحه ثم إعادة بيع إيصال الشراء بضعف الثمن الذى تم به الشراء والتربح من وراء هذا فقط أموال طائلة بدون ممارسة أى نشاط حقيقى، هذه الفئات اختفت الآن وهذا النشاط لم يعد له وجود، وحتى المشترى بدأ فكره يختلف ولا يعتمد على الشراء لمجرد “تسقيع” الوحدة وإعادة بيعها بعد فترة بل أصبح يبحث عن شراء العقار الذى سيدر له دخلا إذا قام بتأجيره، ومن وجهه نظرى المنظومة كلها يتم تصحيحها الآن سواء المطور العقارى أو المشترى أو المسوق بالإضافة إلى الحكومة أيضا التى أصبح لديها خبرة جيدة للتعامل مع المستثمرين والمطورين بصفة عامة.
• كيف ترى التوجه الجديد لدى المستثمرين وشركات التطوير العقارى للاستثمار العقارى الطبى والإدارى والتجارى والترفيهى؟
هذه منتجات جديدة تدخل السوق بقوة الآن وتعمل على زيادة القيمة الإيجارية للمشروعات، وهى التى تزيد من قيمة العقار وتعمل على رفع قيمته؛ وعلى سبيل المثال لو أن هناك فيلا قيمتها 10 ملايين جنيه ومحل تجارى له نفس القيمة، ما الذى سيكون سهلا فى تسويقه؟ بالطبع المحل لأن عائداته الإيجارية مرتفعة، وهذا يؤكد أن توجه المشترى بغرض الاستثمار أعلى من توجهه بغرض المضاربة على رفع سعر الوحدة فقط.
• هل ما زال العقار مخزنا للقيمة وأفضل أنواع الاستثمار؟
طبعا وسيظل مخزنا للقيمة ولن يفقد عرشه كسيد للاستثمار، ولكن ليس بحجم الزيادات غير الطبيعية التى كانت تتم فى أسعار الوحدات من قبل، وربما كانت الزيادات غير المبررة الماضية نتيجة التقلبات الاقتصادية القوية التى شهدها الاقتصاد المصرى طوال الفترة القليلة الماضية، والآن يزيد العقار ولكن زيادة رشيدة ومعقولة.
• هل السوق المصرية ما زالت جاذبة للشركات والمستثمرين الأجانب؟
حتى الآن السوق العقارية المصرية مازالت صغيرة الحجم وأمامها فرصة كبيرة للتطور والزيادة، وجميع الشركات الكبرى العالمية تدرك تلك الحقيقة أن السوق المصرية سوق واعدة خاصة أنها مازالت تحبو فى خطواتها الأولى، وتعمل الدولة على وضعها على خريطة الأسواق الدولية ولكن حتى الآن مازالت سوقا صغيرة.
• متى تتوقع أن توضع السوق العقارية المصرية على الخريطة العالمية؟
خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة، بمجرد تشغيل المدن الجديدة وبدء الحياة فيها خاصة العاصمة الإدارية ومدينة العلمين فهما ستعملان على تحقيق انطلاقة كبرى وتصبحان منطقتى جذب غير طبيعيتين للشركات العالمية.
• خلال المرحلة القادمة بعد انتقال الوزارات والجهات الإدارية للدولة إلى العاصمة الجديدة، هل تتوقع أن تتجه بوصلة الشركات الأجنبية والمستثمرين إلى المشروعات فى العاصمة الجديدة أم فى القاهرة الخديوية القديمة؟
أتوقع أن يكون مثلث ماسبيرو والوراق لهما نصيب الأسد فى استثمارات الأجانب فى مصر مستقبلا لأن النيل سيظل أكبر منطقة جذب للشركات الأجنبية التى تدخل السوق المصرية خاصة أن القاهرة القديمة بعد نقل الوزارات والمصالح الحكومية منها وتفريغ مناطق التكدس ستكون أكثر جمالا وجاذبية، والعاصمة الإدارية ستكون أيضا جاذبة للشركات الاستثمارية نظرا لنقل الأجهزة الإدارية للدولة والتى سيزيد احتياجاتها من الخدمات والمشروعات فى كافة القطاعات.
• عودة إلى المدن الجديدة، ما تقييمك لها ومدى أهميتها ودورها الذى ستقوم به فى المستقبل؟
النقطة الفاصلة فى أهمية المدن الجديدة ستعتمد على جدية انتقال الحياة الإدارية إليها وانتقال الوزارات والمصالح الحكومية، وإذا ما تم ذلك ستكون نقلة حضارية كبيرة وستصبح أفضل من أى مدينة أخرى بمصر وواقعا فعليا جديدا ودون ذلك ستصبح مثل أى تمدد طبيعى للتجمع الخامس أو 6 أكتوبر، المهم انتقال مبنى الرئاسة والوزارات إليها.
• ما المناطق المرشحة كى تصبح مناطق جاذبة للاستثمار العقارى المستقبلى فى مصر؟
الطفرة العقارية التى تمت والتوسع والتمدد الذى قامت به الدولة خلال السنوات القليلة الماضية خلق نوعا من أنواع الاستهلاك الطبيعى، وبالطبع سوف يتبعها طفرة صناعية لتلبية احتياجات هذا التوسع، وأتوقع أن يحظى الجانب الصناعى بالأهمية الكبرى خلال المرحلة المقبلة ولذلك أى منطقة ستهتم بالاستثمار الصناعى ستصبح منطقة جذب؛ والدليل على ذلك زيادة أعداد المطورين الصناعيين الذين بدأوا ينشطون ويتوسعون فى توفير أراضٍ صناعية فى مناطق مختلفة سواء على نطاق محدود أو ضخم.
• هل هذا يقودنا إلى التوسع فى الصناعات الصغيرة والمتوسطة التى تعتبر هدفا أساسيا من أهداف الدولة؟
بالفعل هذا قطاع مهم جدا وهناك تسهيلات ضخمة تقدم من الدولة من حيث التمويل والأراضى سواء تمليك بأسعار مخفضة وبالتقسيط أو حق انتفاع، ورغم هذا المجهود الضخم فإن المستثمر الصغير لا يستطيع التعرف على تلك الخدمات لأن الحكومة لم تسوق لهذه الخدمات بشكل قوى.
• مرة أخرى.. كيف وأين تكون نقطة الانطلاق لهذه التنمية الصناعية؟
كمناطق أعتبر العين السخنة والسويس ومناطق البحر الأحمر ومناطق الصعيد كقوى بشرية لأن الصناعات الصغيرة ربحها فى الغالب يكون قليلا ولكن تحتاج مجهودا ضخما فى البداية كى تنشط وهذا يناسب أكثر القوى البشرية لأهل الصعيد الذين لديهم الصبر والمثابرة أكثر من القوى البشرية للشباب فى مدن أخرى الذين يريدون الربح السريع، ولذلك أرى أن القدرة البشرية الموجودة فى الصعيد أقدر على القيام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة بطريقة أفضل من الموجودين فى القاهرة واستجابة أى نهضة صناعية فى الصعيد ستكون أفضل وأسرع من المناطق الأخرى ولذلك بدأت الدولة تولى اهتماما كبيرا بمناطق الصعيد لتحفيز الشباب هناك على الإقبال للقيام بالصناعات الصغيرة خاصة خريجى المدارس المتوسطة.
• بالنسبة لتصدير العقار، هل اتخذت مصر خطوات جادة فى هذا المجال؟
موضوع تصدير العقار من الموضوعات الشائكة لأن مخاطبة العميل الأجنبى تختلف عن العميل المصرى .. فالأجنبى لا يمكن أن يشترى عقارا إلا إذا كان موجودا على أرض الواقع؛ أى مبنى بالفعل ولا توجد فى مصر شركة لديها القدرة على أن تنتهى من المشروعات العقارية أو على الأقل من 50% من المشروع ثم تبدأ فى طرحها للبيع إلا “سيتى إيدج” التابعة لوزارة الإسكان فقط.
وإذا كانت هناك خطة حقيقية لتصدير العقار، فأعتقد أن البنوك من الممكن أن تأخذ هذه المبادرة وتقوم بعملية التمويل وتضخ أموالها لدى شركات التطوير العقارى الخاصة ثم يتبع هذا عملية التسويق للأجانب وتقديم التسهيلات لتعاملهم مع البنوك مباشرة وهذا يعتبر تنشيطا لمبادرة التمويل العقارى.