بقلم: محمد فاروق
قبل أكثر من خمسة أعوام، فازت مصر بتنظيم بطولة العالم لكرة اليد فى 2021، لكن القدر كان يحمل لنا شيئا غير متوقع وهو أن يأتى هذا التاريخ فى أشد فترات اجتياح فيروس كورونا للعالم كله، والذى تسبب فى إلغاء بطولات كبرى عديدة.
وعلى الرغم من ذلك، جاء الرد من مصر بالإصرار على تنظيم البطولة على أراضيها وعدم التراجع عن تحمل المسئولية ليظهر المعدن المصرى الأصيل كما هو معتاد وقت الأزمات، لتكون هذه البطولة بمثابة أول بطولة عالمية كبرى يتم تنظيمها بعد جائحة كورونا.
ونتيجة للظروف الاستثنائية الصعبة من سرعة تفشى الفيروس، فالأمر تخطى مجرد تنظيم البطولة ليصل إلى الحفاظ على جميع المشاركين من انتشار العدوى بينهم، واتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة لحماية الوفود الضخمة المشاركة حيث تعتبر هذه البطولة هى الأولى التى تلعب بـ 32 منتخبا بدلا من 24 فقط.
لذا فقد تم خضوع جميع أعضاء الوفود من كل الفرق وكافة الحكام ومسئولى البطولة للاختبار بشكل يومى للكشف عن فيروس كورونا، وتم وضع خطط فى حال ظهور إصابة بالفيروس وذلك بالتعامل مع المصاب بشكل سريع لمنع انتشار العدوى، فداخل فنادق إقامة الفرق المشاركة تم إعداد غرف للعزل الصحى إلى جانب تواجد أجهزة طبية كاملة تملك كل الإمكانيات اللازمة للتعامل مع أى حالات اشتباه بالإصابة والسيطرة عليها.
أما من الناحية الاقتصادية، فمن المعروف أن تنظيم مثل هذه البطولات يبعث برسالة لكل دول العالم مفادها أن الدولة قادرة على استضافة السائحين وكذلك المستثمرين نتيجة لما تتمتع به من قدرة على تنظيم بطولات عالمية وحماية كل الوفود الضخمة المشاركة والسيطرة كذلك على فيروس كورونا.
فهذه البطولات أفضل دعاية للسياحة والاستثمار الأجنبى، كما أن التحديات التى واجهها تنظيم هذه البطولة فى هذا الوقت الصعب بسبب كورونا جاءت لتضفى على البطولة نجاحا باهرا وتميزا استثنائيا، وتؤكد إمكانيات مصر وقدراتها الفائقة.
فمصر قدمت رسالة مهمة إلى العالم بقدرتها على الحفاظ على صحة زوارها من الدول الأجنبية، مما يمثل دفعة قوية للقطاع السياحى.
وأظهرت مصر للعالم كله مدى الاستقرار الذى تعيشه والأمن الذى تنعم به والنمو الاقتصادى وتطور الرعاية الصحية داخل أراضيها، وهو ما يبحث عنه المستثمر الأجنبى فى أى مكان فى العالم.
كما بينت مصر للعالم أن الحياة فيها تسير بشكل طبيعى، مع التعامل مع جائحة كورونا بمنتهى الحرص واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة.
ولا ننسى أنه تم تطوير وإنشاء الصالات التى لعبت عليها البطولة مما أضاف إلى مصر قدرات إضافية على تنظيم بطولات عالمية أخرى فى مختلف الألعاب، حيث أقيمت البطولة على أربع صالات رياضية فائقة الجودة والفخامة ومجهزة بكافة الإمكانيات الحديثة المتطورة وهى صالات استاد القاهرة والعاصمة الجديدة وبرج العرب والسادس من أكتوبر.
ونحن دائما وأبدا سنظل فخورين بمصرنا الغالية وما يقدمه أبناؤها من نجاحات وإنجازات، وما يتخطوه من تحديات وصعوبات فى وقت الأزمات والشدائد، وهذه هى عادتنا نحن المصريين وليست بجديدة علينا.