الإيكونوميست المصرية
ما سر ارتفاع استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية؟

ما سر ارتفاع استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية؟

فاطمة إبراهيم
سجلت أرصدة استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة الحكومية مستوى 19.9 مليار دولار خلال شهر مارس 2021.
فما أسباب ارتفاع استثمارات الأجانب فى أدوات الدين، وما العوائد التى يحققها الاقتصاد المصرى من ارتفاع التدفقات النقدية للأجانب؟
أكد الخبراء لـ”الإيكونوميست المصرية” أن ارتفاع استثمارات الأجانب فى أدوات الدين يرجع إلى عدة أسباب؛ أهمها ارتفاع العائد على الجنيه بالمقارنة بالدول المنافسة، وكذلك الاستقرار السياسى والاقتصادى، وتحسن قيمة الجنيه مقابل الدولار والذى يحقق قيمة مضافة.
وأظهرت بيانات البنك المركزى بلوغ أرصدة استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة نحو 19.909 مليار دولار فى مارس 2021، مقابل 20 مليار دولار فى شهر فبراير السابق عليه، ونحو 18.9 مليار دولار فى يناير 2021.
وضخ الأجانب مليارات الدولارات فى سوق الدين المصرية منذ أن قررت مصر تعويم الجنيه فى 2016، فى إطار برنامج اقتصادى شامل مدعوم بقرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولى.
لكن هذه التدفقات انعكست مؤقتا عندما ضربت جائحة كورونا العالم، وخرج حوالى 17.5 مليار دولار من مصر فى ربيع 2020.
من جانبه، أرجع محمد بدرة الخبير المصرفى ارتفاع استثمارات الأجانب فى أدوات الدين إلى أسعار الفائدة المرتفعة على أذون الخزانة والسندات الحكومية بالمقارنة بالعالم كله، فضلا عن تراجع الدولار أمام الجنيه، والذى يحقق قيمة مضافة بجانب سعر الفائدة، حيث يتمكن المستثمر الأجنبى وقت خروجه من السوق شراء أكبر كمية من الدولارات.
وأشار بدرة إلى أن تقارير وكالات التصنيف الائتمانى الإيجابية عن الاقتصاد المصرى، مثل فيتش وموديز وستاندرد آند بورز، تحفز الأجانب على الاستثمار فى أدوات الدين فى الوقت الذى تخفض فيه التصنيف السيادى لكثير من الدول بسبب جائحة كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصرى بالمقارنة بانكماش كثير من اقتصادات دول العالم.
ونوه الخبير المصرفى إلى أن ارتفاع استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية يعكس مزيدا من الثقة فى الاقتصاد المصرى، وفى برنامج الإصلاح الاقتصادى، ويحقق وفرة فى الدولار، غير أنه حذر من أن هذه الاستثمارات تُسمى بـ “الأموال الساخنة”؛ أى أنها غير مستقرة وليس لها ولاء لاقتصاد معين، وإنما تبحث دائما عن أسعار الفائدة المرتفعة، فيجب العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ذات الآجال الطويلة والمستقرة.
من جهته، قال محمود السقا، رئيس الجمعية المصرية للائتمان والمخاطر إنه على الرغم من انخفاض أسعار العائد على أدوات الدين فإنها مازالت الأعلى بالمقارنة بالعوائد فى الدول المجاورة، بالإضافة إلى الاستقرار الاقتصادى والسياسى، مشيرا إلى أن ارتفاع استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة والسندات الحكومية يدعم الاقتصاد المصرى ويعد شهادة ثقة باستقرار الاقتصاد المصرى.
ولفت السقا إلى أن ارتفاع الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين الحكومية يزيد من حصيلة الدولارات، ويساعد على استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
فى السياق نفسه، أشار أحمد الألفى الخبير المصرفى إلى أن ارتفاع توظيفات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية تعود إلى سعر الفائدة المرتفع على الجنيه، حيث يعتبر الجنيه المصرى أكثر العملات جذبا لتدفقات الأجانب النقدية، مشيرا إلى أن مصر أكثر تنافسية من الأرجنتين وتركيا بسبب الاستقرار السياسى والاقتصادى، بالإضافة إلى استقرار العملة المحلية مقابل الدولار.
وأوضح الألفى أن استقرار التصنيف الائتمانى لمصر عند B+، إلى جانب سهولة دخول الأجانب وخروجهم باستثماراتهم من السوق المصرية زاد من جاذبية السوق المصرية للتدفقات الأجنبية فى أدوات الدين، مشيرا إلى أن ذلك يخلق سيولة دولارية ويحقق وفرة فى الدولار.
وقال الخبير المصرفى إنه من ضمن الأشياء التى تدعم تدفقات الأجانب فى أدوات الدين هو إعلان مؤسسة “جى. بى. مورجان” العالمية انضمام مصر لقائمة المراقبة فى مؤشر “جى. بى. مورجان” للسندات الحكومية للأسواق الناشئة؛ وذلك تمهيدا لانضمام أدوات الدين الحكومية المصرية بالعملة المحلية فى المؤشر خلال مدة أقصاها 6 أشهر، مشيرا إلى أن ذلك يتيح جاذبية أكثر للاستثمار فى الجنيه المصرى.
ومن ضمن الفوائد التى تحققها مصر من انضمامها المرتقب لمؤشر “جى. بى. مورجان” للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة، دخول مبالغ جديدة من النقد الأجنبى، واستقرار سعر الصرف أو تحسنه مقابل العملات الأجنبية. وكانت مصر منضمة لهذا المؤشر، ولكنها خرجت منه فى يونيو 2011 لعدم الوفاء بمتطلبات مؤسسة “جى. بى. مورجان”.
وبدأت مصر منذ حوالى عامين ونصف السعى لإعادة انضمامها إلى مؤشر “جى. بى. مورجان”، ومنها: إطالة عمر الدين الحكومى، وتعديل منحنى العائد “Yield curve”، ورفع نسبة مشاركة المستثمرين الأجانب فى الأدوات المالية الحكومية مع زيادة حجم كل إصدار.
وبخصوص مؤسسات التصنيف الائتمانى، فقد كانت وكالة التصنيف الائتمانى “فيتش” قد أكدت تصنيفها الائتمان لمصر عند “+B” مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقالت إن الإصلاحات المالية والاقتصادية التى تجريها الحكومة تدعم تصنيف مصر والتوقعات المستقبلية، بالإضافة إلى امتلاك مصر لاقتصاد كبير؛ أظهر الاستقرار والمرونة خلال الأزمة الصحية العالمية.
وأضافت وكالة فيتش أن أداء الاقتصاد المصرى تفوق على الغالبية العظمى من البلدان المصنفة من قبلها خلال العام الماضى.
فيما ثبتت مؤسسة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتمانى التصنيف السيادى لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية عند مستوى “B”، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقد منحت “موديز” مصر تصنيفا عند درجة B2 مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية فى طريقها لتحقيق مستهدفها المتعلق بتقليص معدل الديون إلى الناتج المحلى.
وأفادت موديز فى تقريرها بأن الجمع بين الفوائض الأولية وتكاليف الفائدة المنخفضة والعودة إلى نمو أعلى يمهد الطريق لتخفيض متجدد فى نسبة الدين الحكومى العام إلى الناتج المحلى الإجمالى، والتى توقعت الوكالة تراجعه لنحو 90% من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية التى تنتهى فى منتصف 2021.
تجدر الإشارة إلى أن “أذون الخزانة” تعتبر إحدى أدوات الدين الحكومية، وتصدر لحاملها ولآجال تتراوح بين 3 أشهر و12 شهرا وبذلك تعتبر أداة مالية قصيرة الأجل؛ أى لمدة ولأجل أقل من عام، ويتم التعامل بها فى أسواق المال الثانوية والتداول عليها بيعا وشراء.
وتتميز أذون الخزانة بأنها أدوات مالية منخفضة المخاطر، بمعنى سهولة التصرف فيها دون أن يتعرض حاملها لأية خسائر رأسمالية، وعند حلول تاريخ الاستحقاق تلتزم الحكومة بدفع القيمة الاسمية المدونة على وثيقة أذون الخزانة.
فيما تمثل “السندات الحكومية” إحدى أدوات الدين الحكومية، وتكون أقل مخاطرة من سندات الشركات‏، وتختلف عن أذون الخزانة فى أجل الاستحقاق، حيث يتراوح فيها بين عامين اثنين و20 عاما.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *