الإيكونوميست المصرية
الموازنة أسلوب حياة…..بقلم:محمد فاروق

الموازنة أسلوب حياة…..بقلم:محمد فاروق

بقلم: محمد فاروق

يخطئ من يعتقد أن الموازنة تتعلق فقط بالدول أو المؤسسات أو الشركات أو حتى المحلات التجارية، فالموازنة تمتد لتصل إلى الأشخاص العاديين حتى الذين ليس لهم أدنى علاقة بأى نشاط تجارى.
فالموازنة ببساطة هى تحديد كل من الدخل المتوقع خلال سنة قادمة والنفقات المتوقعة خلال نفس الفترة.
فالموازنة تعتبر أسلوب حياة يجب أن يجيده الجميع ويتعلمه كل أفراد الأسرة ويمارسونه بمهارة. فالشخص العادى، أيا كان مستوى دخله، كى يحيا حياة سليمة ويقلل من احتمال التعرض للهزات الاقتصادية العنيفة، يجب عليه أن يعد لنفسه الموازنة الخاصة به.
وكى تكون الموازنة أبسط وأكثر قابلية للتحقيق وأقرب للواقع، يقوم الشخص بتقسيم السنة إلى 12 موازنة شهرية، ويضع فى أحد جانبى كل موازنة دخله المتوقع فى هذا الشهر، وفى الجانب الآخر يضع نفاقاته المتوقعة والتزاماته خلال الشهر نفسه، ليس ذلك فقط بل يحدد مخصصات للطوارئ واحتياطيا للمواقف المفاجئة، وفى النهاية إما أن يزيد دخله عن نفقاته وهنا يكون قد حقق فائضا، أو تكون نفقاته أكبر من دخله وهنا قد يواجه عجزا وعليه معالجته مسبقا إما بزيادة الدخل أو تقليص النفقات.
بذلك ستضع الموازنة يدك على مواطن القوة والضعف فى أسلوب حياتك، وستمنحك القدرة على تصنيف الأشياء التى تستهلك دخلك بحيث تتخلص من المستنزفات غير الضرورية التى تبدو لك مهمة لمجرد أنها عادة، وستساعدك على ترشيد استهلاكك الذى لم تكن تحسبه من قبل، كما أنها ستمكنك من ترتيب أولوياتك، وستجعلك تفاضل بين السلع والخدمات المختلفة لاختيار ما يناسبك ويتماشى مع خطتك ودخلك، وستجبرك على التخلص من الرفاهيات التى تفوق طاقتك وتفرض عليك استبدالها بأشياء أخرى أقل استهلاكا لأموالك، وستحفزك على البحث عن مصادر جديدة لزيادة دخلك، وستنير طريقك وستقلل من حدة المفاجآت، وستساعدك على محاولة الادخار لمواجهة الطوارئ التى قد تتناساها فى زحام الحياة. بمعنى أشمل ستجعلك تلم بكل أمورك المادية التى تتجاهلها رغم معرفتك الكاملة بها.
هذا الأمر ليس معقدا، وكل منا يستطيع إعداد موازنة لنفسه، فكل شخص على دراية تامة بحياته وتفاصيلها، لكن الفرق بين شخص وآخر يكمن فى القدرة على التخطيط، فالموازنة عبارة عن شكل يترجم خطة الشخص فى السنة القادمة لصورة مالية، فهناك من يعيش الحياة بنظام ويخطط للقادم وينفق فى حدود إمكانياته ويرتب أولوياته الأهم فالأقل أهمية، وهناك العكس الذى لم يتعلم تلك المهارة، ويسير فى الحياة كقطعة الخشب التى تحملها الأمواج وتتلاعب بها إلى أن تقذفها أينما أرادت، فنقطة البداية فى أى مشروع هى التخطيط، فمابالكم بأهم مشروع لديكم وهو مشروع الحياة نفسها، ألا يتطلب منا بعض الجهد لوضع خطة له وتحديد واجهتنا وأولوياتنا ومتطلباتنا؟ والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نصحنا بذلك حين قال: “اعقلها وتوكل”، وقديما قال أهل الحكمة: “اللى يحسب الحسابات فى الهنا يبات”.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *