كشف المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية عن أن احتياطيات الغاز فى الآبار المكتشفة شرق المتوسط وخاصة حقل “ظُهر” تحقق لمصر درجة عالية من الاكتفاء الذاتى، موضحا أن مكامن الغاز الطبيعى شرق المتوسط تقدر بأكثر من 220 تريليون قدم مكعب، يبلغ نصيب إسرائيل فيها 20 تريليون قدم مكعب، ويصل نصيب قبرص إلى حدود 5 تريليونات قدم مكعب، فضلاً عن حقل ظهر بالمياه الإقليمية المصرية الذى يعد أكبر اكتشافات الغاز فى البحر الأبيض تصل احتياطاته إلى 30 تريليون قدم مكعب على مساحة تمتد 100 كيلو متر.
وقال الملا إن مخزون الاحتياطى المصرى يكفى لتحقيق نوع من الأمن الغازى لمصر يغطى احتياجاتها لحقبة كافية من الزمن يتم خلالها اكتشاف حقول واعدة جديدة سواء فى البحر الأبيض أو فى مناطق أخرى بما يعوض حجم الاستهلاك المصرى المتزايد، ويزيد من حجم الاحتياطيات الجديدة ويضمن لمصر أن تكون مركزا إقليميا لتجارة الغاز.
وأكد وزير البترول والثروة المعدنية أن التركيز كله الآن على حقول شرق المتوسط التى تضم الغاز المكتشف فى إسرائيل وقبرص ومصر ولبنان واليونان وسوريا وفلسطين والتى تذهب كل الاحتمالات إلى أن جدواها الاقتصادية ترتبط بمصر التى تملك بنية أساسية تتمثل فى خطوط أنابيب البترول شرق المتوسط التى تحمل كميات هذا الغاز إلى محطات الإسالة فى إدكو ودمياط بهدف إعادة تصديره مسالا إلى أسواق الخارج.
وأكد الملا أن الغاز المصرى لا يمثل طوق نجاه فقط لمصر بل لدول أوروبا أيضا التى تعتمد على الغاز الروسى والتى بالتأكيد تفضل الفكاك من هذا الطوق الحديدى وتفضل البديل المصرى، مشيرا إلى أن تنويع مصادر الغاز ودخول غاز البحر المتوسط طرفا فى معادلة الاستهلاك الأوروبى يجعل أوروبا أكثر أمنا وتوازنا خاصة أن الأوروبيين يعتقدون أن من طبائع الأمور أن يكونوا شركاء فى سوق غاز المتوسط بما يحقق التكامل بين جنوب المتوسط وشماله ويعزز المصالح المشتركة ويقوى روابط الأمن المشترك.
وذكر وزير البترول والثروة المعدنية أن وجود الاتحاد الأوروبى فى جزء من اتفاقات الغاز شرق المتوسط سوف يزيد من أهمية دور مصر الإقليمى ويضاعف من ثقلها كمركز إقليمى لتصدير الغاز، موضحا أنه سوف يتم توقيع مذكرة تفاهم حول هذه القضايا بين مصر والاتحاد الأوروبى خلال زيارة وزير الطاقة والمناخ الأوروبى للقاهرة فى أبريل المقبل، وأن مذكرة التفاهم سوف تشكل حيثيات دخول الاتحاد الأوروبى إلى سوق غاز المتوسط.
وأكد الملا أن هذه الخطوة الاستراتيجية سوف تزيد الطلب على عروض البحث والاستكشاف فى المناطق الغربية البحرية من البحر المتوسط حيث تجرى الآن الدراسات الجيوفيزيقية للمنطقة تمهيدا لطرحها، ويتوقع الخبراء زيادة مهمة فى حجم احتياطيات الغاز فى المنطقة الغربية من المتوسط التى يجرى الآن تجهيز عروضها والتى تمتد من حقل ظهر إلى حدود مصر وليبيا.
وكشف وزير البترول والثروة المعدنية عن أنه أجرى مباحثات تمهيدية فى سبتمبر الماضى مع وزير الطاقة والمناخ فى الاتحاد الأوروبى الذى استمع إلى رؤية مصر المتكاملة لهذه القضية وأبدى ترحيبا شديدا بأن تكون أوروبا جزءا من سوق الغاز فى البحر المتوسط بما يعزز علاقات السلام والأمن بين جنوب المتوسط وشماله خاصة أن أمن الشرق الأوسط يرتبط بأمن المتوسط اللذين يرتبطان بالأمن الأوروبى.
وأضاف الملا أنه سوف يجرى بالتزامن مع طرح مساحات جديدة من مناطق البحث والتنقيب والاستكشاف فى المنطقة الغربية من المتوسط طرح مساحات أخرى للبحث والتنقيب فى الحوض الشمالى للبحر الأحمر، ويعتقد الخبراء أن احتياطيات غرب المتوسط من كمائن الغاز ربما تفوق احتياطيات شرق المتوسط التى جاوزت الآن 220 تريليون قدم مكعب، بما يؤكد أن أبواب الخير التى فتحها حقل ظهر على مصر تكبر يوما وراء يوم ويتسع مشروعها الآن ليغطى شرق المتوسط وغربه، ويمتد من الجنوب إلى الشمال ليضم أوروبا شريكا فى هذه السوق الواعدة التى تفيد وتستفيد دون الإضرار بمصالح أى من الأطراف.
بدء تشغيل محطتى إدكو ودمياط
مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى لديها البنية الأساسية لتسييل وتصدير الغاز، حيث تم منذ عام 2009 تقريبا إقامة محطتى إدكو ودمياط ولم يتم استغلالهما حتى الآن الاستغلال الاقتصادى الأمثل مما أضاع على الخزينة العامة أموالا ضخمة كان من الممكن الاستفادة منها فى حالة تسييل ونقل وتصدير الغاز سواء من مصر أو أى دولة أخرى فى المنطقة إلى باقى الأسواق العالمية وخاصة السوق الأوروبية، وبموجب الاتفاق الذى تم مؤخرا بين مجموعة ديليك الإسرائيلية وشركة دولفينوس الخاصة تنقل الشركة الغاز الإسرائيلى الذى تم شراؤه بما يعادل 15 مليار دولار على مدى 10 سنوات عبر شبكة الأنابيب البحرية المصرية وتدفع الرسوم المستحقة عن عملية نقل الغاز الإسرائيلى الذى سوف تتم إسالته فى محطتى الإسالة المصريتين فى كل من دمياط وإدكو، وستقوم شركة دولفينوس بإعادة تصدير الغاز الإسرائيلى مسالا إلى الخارج .
جدير بالذكر أن مجموعة ديليك الإسرائيلية تملك حقلى الغاز الإسرائيليين ليفتان وتامارا اللذين تم اكتشافهما شرق المتوسط أمام الساحل الإسرائيلى ويقدر حجم الغاز الإسرائيلى الذى سوف تشتريه شركة دولفينوس بموجب هذا الاتفاق بنحو 64 مليار متر مكعب على مدى 10 سنوات .
وبالرغم من الفوائد التى ستحصل عليها إسرائيل بعد تسويق إنتاجها من الغاز الطبيعى إلى الأسواق العالمية عبر مصر، فإن الفائدة التى ستعود على مصر تعتبر أكبر بكثير لأن مصر ستجنى المزيد من العوائد نتيجة استخدام بنيتها الأساسية فى نقل الغاز الإسرائيلى عبر خطوط أنابيبها ومحطات إسالة دمياط وإدكو المصريتين اللتين توقفتا عن العمل بعد نفاد مخزون مصر من الغاز قبل أن يظهر حقل ظهر إلى الوجود، ثم جاءت فرصة شراء مصر للغاز الإسرائيلى أخيرا كى تتمكن هذه المحطات المتوقفة من العمل من جديد .
ومن الممكن أن يتكرر اتفاق الغاز هذا مع شركات قبرصية ولبنانية للاستفادة من البنية الأساسية المصرية والتى يصعب على أى دولة فى المنطقة الآن إقامة مثيل لها نظرا للتكلفة الباهظة لإنشاء محطات إسالة مثل الموجودتين فى إدكو ودمياط.
وبذلك تكون مصر قد نجحت فى أن تحتكر محطات إسالة الغاز جنوب المتوسط التى يصعب إقامة منافس لها الآن لتكاليفها الضخمة والباهظة .
وقال مصدر مسئول بوزارة البترول إن اتفاق الغاز الإسرائيلى لا علاقة له بالمرة بالسوق المحلية لأن احتياجات السوق المصرية يغطيها حقل ظهر وحقول الغاز المصرية الجديدة المكتشفة غرب الدلتا وشمالها التى تمكن مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز بنهاية عام 2018.