فاطمة إبراهيم
زادت حدة المنافسة بين كبار المطورين العقاريين لتنفيذ مشروعات عقارية بالساحل الشمالى الغربى، فكيف تؤثر هذه المنافسة على القطاعين السياحى والعقارى؟ وكيف يستفيد المواطن من هذه المنافسة؟ وما تأثير ذلك على الاقتصاد بشكل عام؟
قال الدكتور شريف فتحى، وزير السياحة والآثار: إن مصر تشهد طلبا غير مسبوق على زيارة منطقة الساحل الشمالى، خاصة من دول أوروبا الشرقية وروسيا، مشيرا إلى أن هذا الطلب المتزايد تجاوز قدرات مطار العلمين الدولى فى بعض أوقات الذروة، ما دفع الوزارة إلى التوصية بتوجيه الرحلات إلى مطارى برج العرب ومرسى مطروح لتخفيف الضغط.
وأكد د. فتحى أن هناك حاجة مُلحَّة لزيادة عدد الفنادق والطاقة الاستيعابية فى منطقة الساحل الشمالى، تماشيا مع الصورة الإيجابية التى تتمتع بها مصر فى الأسواق العالمية، ومع الارتفاع الملحوظ فى نسب الإشغال وطلبات الحجز.
وكشف وزير السياحة عن أن عددا من الفنادق الجديدة سيتم افتتاحها خلال العام الحالى، فى إطار خطة طموحة لرفع الطاقة الفندقية وتوفير خدمات سياحية متكاملة، بما يعزز من قدرة مصر على المنافسة مع الوجهات الدولية الكبرى.
وأوضح أن نسب الإشغال فى الربع الأول من العام الحالى ارتفعت بنسبة 23% مقارنة بالسنوات الماضية، التى كانت تتراوح فيها نسب النمو بين 5% و6% فقط، وهو ما يدل على تطور حقيقى فى القطاع.
وأشار د. فتحى إلى أن الأسعار السياحية شهدت كذلك زيادة بمتوسط 30%، نتيجة ارتفاع الطلب وتحسن جودة الخدمات، مضيفا أن هذه المؤشرات تعكس ثقة الأسواق الخارجية فى المقصد السياحى المصرى، ونجاح الجهود الحكومية فى الترويج والاستثمار فى البنية التحتية السياحية.
وأوضح الخبراء أن صيف 2025 يشهد منافسة شرسة بين المطورين العقاريين للاستثمار فى الساحل الشمالى، لاسيما بعد صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة، وذلك فى ظل توقعات استمرار ارتفاع الطلب على الساحل خلال الفترة المقبلة، مشيرين إلى أن الحكومة بذلت جهودا كبيرة فى توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وشبكة من الطرق والمحاور لربطها بكل أنحاء الجمهورية أو بغرض الاستثمار العقارى لتحقيق مشروعات الساحل عائدا مرتفعا.
وأكد الخبراء لـ”الإيكونوميست المصرية” أن المنافسة دائما فى صالح العميل، وكلما زادت المنافسة بين المطورين العقاريين على طرح منتجات عقارية، زادت المزايا المقدمة للعملاء، مشيرين إلى أن ارتفاع حدة المنافسة ينعكس على تنشيط القطاع السياحى، حيث يتم طرح فنادق أو مناطق سياحية مخصصة أو مرسى يخوت أو سباقات عالمية فى مجال الألعاب المائية، وبذلك يخلق عددا من الغرف ومن ثم زيادة عدد الليالى السياحية.
من جهته، أكد الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقارى أن هناك منافسة شرسة وقوية بين مطورى الساحل الشمالى، وزادت حدة المنافسة وشراستها بعد صفقة رأس الحكمة، مشيرا إلى أن الساحل الشمالى من مراسى إلى الشمال يتميز بعدد كبير من المشروعات العقارية، مدللا على ذلك بحجم الإقبال على مشروع ساوث ميد وحجم المبيعات المحققة.
وفى 23 فبراير 2024، وقعت مصر والإمارات عقد تطوير وتنمية منطقة “رأس الحكمة” باستثمارات تقدر بنحو 150 مليار دولار، تتضمن 35 مليار دولار استثمارا أجنبيا مباشرا للحكومة المصرية خلال شهرين، منها 11 مليار دولار إسقاط ديون، وينص العقد على أن تحصل مصر على 35% من إجمالى أرباح المشروع.
وتتبع منطقة “رأس الحكمة” إداريا محافظة مطروح (شمال غرب)، وتعد من الشواهد التاريخية لبوابة مصر الغربية على الساحل الشمالى الغربى للبحر المتوسط، وكانت ميناء لرسو السفن واستراحة للملوك والرؤساء، وسعت الحكومة المصرية لاستغلال موقعها المتميز لتوقيع صفقة هى الأضخم فى تاريخ البلاد.
وأضاف عبد العظيم أن المطور يبحث عن عملاء، أما المستثمر أو المشترى فيبحث عن المصداقية، فلا يهمه فقط موقع الوحدة السكنية أو موقع المشروع، وإنما يهمه منفذ المشروع وسابقة أعماله التى تمنحه مصداقية مع عملائه، بالإضافة إلى نوعية المنتجات التى يقدمها، من حيث التنوع بين مساحات كبيرة وصغيرة وفيلات وقصور، فضلا عن التصميم، مشيرا إلى أن المنافسة دائما فى صالح المستهلك، وكلما زادت المنافسة بين المطورين العقاريين على طرح منتجات عقارية زادت المزايا المقدمة للعملاء، أما من حيث فترات التسهيلات فأصبحت 10و 12و 15 عاما، بدلا من 4 و 6 و 8 سنوات.
وتابع أننا كنا نسمع عن دفعة حجز 5%، دفعة تعاقد 10%، وبعد ذلك سداد أقساط ربع سنوية،أما الآن فتوجد شركات تقدم zero down payment أى “دفعة حجز زيرو أو بدون مقدم”، لافتا إلى أن الشركات التى لا تلتزم بوعودها والتزاماتها مع عملائها تخرج من السوق، حيث توجد بعض الشركات تعرف حاليا بـ “النصابة”، عندما تتأخر عن مواعيد التسليم بفترات طويلة أو إلغاء أحد بنود العقد مثل إلغاء التشطيبات، أو إلغاء الأسانسير، أو حمامات السباحة، فالمنافسة تجعل البقاء للأفضل.
من جهته، أشار حسن عبد العزيز، رئيس الاتحاد الأفريقى لمنظمات مقاولى التشييد والبناء إلى حدة المنافسة بين المطورين العقاريين فى الساحل الشمالى، لاسيما أن الدولة تسعى لتسويق مدينة العلمين، بطريقة جيدة من حيث تنظيم عدد من المؤتمرات الجاذبة، ومؤتمر تطوير عقارى.
وأضاف أن مدينة العلمين الجديدة تضم استثمارات بمبالغ ضخمة، فضلا عن موقعها المتميز، وكل ما تحتاجه هو التسويق الجيد، وهو ما يهدف إليه المهندس شريف الشربينى وزير الإسكان، مشيرا إلى أن الحكومة تسعى أن تكون مدينة العلمين تدب بها الحياة طوال العام، لما فيها من جامعات، ومدارس ومستشفيات، ومصانع ومقار شركات، بالإضافة إلى الجزء الساحلى على البحر.
وشدد عبدالعزيز على ضرورة التسويق الجيد لمنطقة العلمين – ليس فقط من خلال الجو والهواء والشمس – ولكن يجب التسويق لآثار الحرب العالمية، ومقابر الألمان والإيطاليين والحلفاء، وكلها مزارات سياحية، بحيث يتم التسويق عقاريا وسياحيا أيضا من حيث الآثار الرومانية فى مارينا.
فيما أكد عبد المجيد جادو، الخبير العقارى أن مصر تتمتع بميزة نسبية من حيث تنوع مناطق الجذب والتنوع الثقافى، والمجالات العقارية، والسياحية فيها ليس فقط فى الساحل الشمالى، ولكن الساحل الشمالى من المناطق الواعدة لاسيما بعد مشروعات التطوير العقارى التى نفذت فى الفترة الأخيرة.
