الإيكونوميست المصرية
جلب السعادة…………………… بقلم: محمد فاروق

جلب السعادة…………………… بقلم: محمد فاروق


بقلم: محمد فاروق
الإنسان مثل الإسفنجة يمتص من البيئة المحيطة به، ومثل المغناطيس يجذب مما يقع داخل مجاله، لذا فهو الذى يتحكم فيما يتعرض له ويختار ما سيمتصه أو يجذبه.
فبخلاف الظروف القهرية والتى لا نستطيع التحكم بها، فإننا المتحكم فيما نحيط أنفسنا به، فإذا أحطنا حياتنا بالطاقات الإيجابية والأشخاص المتفائلين والأفكار المبهجة والآمال المضيئة فسينعكس ذلك علينا تلقائيا بل وسنجد أنفسنا نحقق ما نحلم به ونتطلع إليه ونرغب فيه أو على الأقل جزءا كبيرا منه، والعكس صحيح تماما، فلو ألقينا بأنفسنا وسط الطاقات السلبية والمتشائمين وكبلنا أرواحنا بقيود البؤس والنكد والتعاسة فسرعان ما سنجذب هذه الأشياء إلينا ونتشبع بها وسنكون مثل الذى يستدعى الشقاء.
فبالتفاؤل نشحذ الهمم ونتحلى بالقوة، نتغلب على الصعاب ونتحمل المشاق، نضىء الطريق مهما كانت ظلماته، ونقاوم الأزمات مهما كانت شدتها.
ورسولنا الكريم كان يحب الفأل والتفاؤل، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “لا عدوى ولا طيرة، ويعجبنى الفأل الصالح: الكلمة الحسنة”، كما قال الرسول الكريم: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة”، وفى الحديث القدسى قال تعالى: “أنا عند ظن عبدى بى، فإن ظن بى خيرا فله، وإن ظن بى شرا فله”.
وكانت هناك مقولة سمعتها من بواب بسيط منذ سنين، وإلى يومنا هذا ترن فى أذنى، حين قام بوصف شخص ما وقال عنه: “فلان بيشترى لنا الغُلب”، فبالفعل هناك أشخاص يشترون “الغُلب” والشقاء، فصُنع المشاكل للأسف أسلوب حياة عند بعض الناس، يفعلون ذلك دون عمد، حتى صار افتعال الأزمات شيئا تلقائيا، وأصبح اختلاق التوتر والكآبة عادة ملازمة يمارسها هؤلاء دون دراية أو وعى.
تخيلوا لو شاهدتم مثلا مسلسلا كئيبا أو فيلما حزينا فتلقائيا ستصابون بالكآبة نفسها، فلماذا ندفع أنفسنا إلى تلك الحالة السيئة؟ لماذا لا نمهد لأنفسنا الطريق لحياة سعيدة ونرفه عنها وننقيها من السلبيات؟ لماذا لا نعتبرها كالطفل الصغير الذى يريد أن يتنزه و يفرح وينطلق؟ لماذا لا نجلب لها ما يسعدها حتى ولو كانت أتفه الأشياء مادامت فى إطار الصواب والحلال؟
أنا أؤمن بأن السعادة “قرار”، فجميع البشر يتعرضون للأزمات والمشاكل، لكن هناك من يتخذ قرارا بالتغلب على عثراته ويصر على الابتعاد عن أى شىء يؤرقه أو يحزنه وينأى بنفسه عن أسباب الكآبة ومجالب الحزن وبواعث الكرب، وينطلق بها إلى رحاب الفرح والبهجة والسرور.
وإذا كان التشاؤم معديا فالتفاؤل كذلك مثله مثل الضحك، ومادمت ستعيش حياة واحدة وكتب الله لك قدرك مسبقا، فعشها بابتهاج وارتياح وتفاؤل وإيمان بأن الله تعالى يفعل لك دائما ما فيه الصالح حتى ولو كانت نظرتك البشرية المحدودة ترى غير ذلك، فمن المؤكد أن الله يدفعنا إلى ما فيه الخير دائما سواء ظهر ذلك على المدى القريب أو المدى البعيد.
وهناك تجربة مفيدة جدا عليك أن تجريها.. اطلق العنان لخيالك لمدة دقائق معدودة، وتصور نفسك بعد مائة عام من الآن؛ أين ستكون، وأين سيكون أولادك وأحفادك الذين حرصت دائما على أن تؤمن لهم المستقبل، وأين ستكون ممتلكاتك التى طالما سعيت لاقتنائها، كيف صارت ومع من أصبحت. بالتأكيد ستجد نفسك أمام حالة من التعجب من الأشياء التى كانت تغضبك أو تلك التى تقضى عمرك كله فى سبيل الفوز بها، وستكتشف مدى تفاهتها وضآلتها وأنه مهما طال استمتاعك بها فهو محدود.
اعمل واجتهد وكن إيجابيا وساعد الناس ولا تتخلى عن المحتاج، ولكن كل ذلك فى إطار التمسك بسعادتك وبهجتك وحالتك المعنوية المرتفعة ودون أن تنجرف فى تيار الحزن والكآبة.

Related Articles