الإيكونوميست المصرية
إحنا آسفين يا صيف………بقلم: محمد فاروق

إحنا آسفين يا صيف………بقلم: محمد فاروق

بقلم: محمد فاروق
تعيش دول العالم كافة هذه الأيام حالة من الحظر والحيطة ورفع الدرجة القصوى من الاستعداد نتيجة لمداهمة فيروس “كورونا المستجد” وسرعة انتشاره بين البشر.
وهذا الانتشار السريع للمرض، يحتم علينا فى مصر أن نبدأ فى إعادة النظر فى عاداتنا المتأصلة فينا، فالمصرى بطبعه إنسان ودود يعشق التعبير عن محبته وإظهار وده للآخرين ويتجلى ذلك فى أساليب التحية والترحاب من سلام حار لا يخلو فى معظم الأوقات من التقبيل والأحضان حتى بين الأشخاص الذين لا تربطهم علاقة قوية، رغم أن هذه الأحضان قد تكون قاتلة فى بعض الأحيان من خلال نقل الأمراض والفيروسات، لذلك علينا أن نقتصد فى سلامنا وأن يكون فى أضيق الحدود ومجرد باليد فقط، وإن أمكن الاكتفاء بالإيماء والإشارة.
كما أن أساليب النظافة لدينا تحتاج إلى إتقان أكثر، فغسل اليدين جيدا باستمرار لم يعد مجرد رفاهية أو “حكاكة” كما يطلق البعض ولكنه صار أمرا حتميا، وخلع الحذاء بمجرد الدخول من باب الشقة أصبح إجراء وقائيا، وتغيير الملابس وغسلها فور العودة للمنزل صار ضروريا.
ولا بد أن نهتم بمن هم حولنا من خلال وضع منديل عند العطس أو السعال والكحة، حتى لا ننقل لهم أى أمراض.
وعلى من تظهر عليه أعراض أمراض البرد أو الإنفلونزا أن يلزم بيته ولا يتواجد فى أماكن التجمعات وذلك لسببين؛ الأول لكى لا ينقل المرض للآخرين، والثانى حتى لا يتعرض هو نفسه لمرض آخر نتيجة لضعف مناعته وهو فى تلك الحالة. كما يجب على من يشك فى أنه يحمل فيروس “كورونا” أن يتوجه فورا إلى المستشفى ولا يختلط بأى شخص.
ويقع على عاتق وسائل الإعلام حمل ثقيل ومسئولية ضخمة، فيجب أن تتعامل مع الموقف على قدر خطورته وأهميته، من خلال نشر الوعى بين الجماهير، وعدم الاكتفاء بتقديم مواد الترفيه فقط، فبرامج التوعية فى هذا الوقت تعد أمنا قوميا وواجبا وطنيا على وسائل الإعلام أن تزيد منها وتركز عليها.
كما يجب علينا ونحن نتعامل مع هذا الوضع عدم التهويل أو التهوين، فلا إفراط ولا تفريط، وعلينا أن ننزل الأمور منزلتها الطبيعية، فلا نثير الرعب فى نفوس الناس ونخيفهم ونجعلهم يعتزلون الحياة، ولا فى الوقت نفسه نتركهم ونسفه من أخطار المرض وانتقاله بين الناس، بل علينا أن نحذرهم ونزيد الوعى لديهم بكيفية الوقاية من الأمراض وطريقة التعامل مع المرضى.
كما علينا أن نرشد من التواجد فى التجمعات فى الأفراح وفى العزاء وفى الأماكن المزدحمة مثل المولات والسينما والحفلات، وفى التجمعات الدينية وعلينا أن نرى ما فعلته السعودية من تعليق لموسم العمرة وما قامت به إيطاليا من إغلاق للكنائس.
ونحن لا نطالب باتخاذ هذه الإجراءات الاحترازية لفترة طويلة، ولكن فقط حتى يحل علينا كريما فصل الصيف وينعم علينا بحرارته التى فيها فناء لهذا الفيروس الذى لا يعيش فوق درجة حرارة 27 مئوية.
فلأول مرة، أشتاق إلى فصل الصيف وحرارته رغم عشقى لفصل الشتاء وبرودته، وكأن الله تعالى قد حبا علينا بارتفاع درجة الحرارة لعلمه بأحوالنا وعفويتنا فى التعامل مع مثل هذه الأمور، فأرسل إلينا تلك الحرارة التى نشتكى منها لتنوب عنا فى الدفاع عن أنفسنا ضد هذه الأمراض وغيرها، لذا نحن نعلن اعتذارنا للصيف وترحيبنا بعودته مهما كانت شدة حرارته وارتفاع رطوبته، ونقولها صراحة: “إحنا آسفين يا صيف”.

Related Articles