بقلم: محمد فاروق
“السوق المصرية لا تخضع لقانون العرض والطلب”.. مقولة بها الكثير من الخطأ روج لها التجار فى مصر لغرض فى نفس يعقوب، فالهدف من الترويج لهذا الادعاء الخطأ هو خداع المستهلك بأنه حتى لو امتنع عن شراء أى سلعة فلن يؤثر ذلك على السوق والتجار، وبذلك يتم قتل روح المقاومة داخل المستهلك وتحويله لمستهلك سلبى غير فعال.
فحتى وإن كان هناك اختلاف فى معايير السوق المصرية نتيجة احتكار بعض التجار لعدد من السلع، فإنه من الطبيعى عندما يمتنع المستهلك عن الشراء أو حتى مجرد يقلل من استهلاكه للعديد من السلع التى يرتفع سعرها بشكل مبالغ فيه، فإن ذلك سيجبر التاجر على تقليل ربحه وبالتالى سيؤدى لتراجع الأسعار.
هذا الكلام ينطبق تماما على السلع سريعة الدوران وخاصة التى تفسد بسرعة إذا تركت فى المخازن لفترة. أما بالنسبة للسلع بطيئة الدوران فهى تتأثر بتركها وعدم الإقبال عليها ولكن بشكل أبطأ وأقل، وهنا ما نطلق عليه سياسة النفس الطويل للمستهلك، فمثلا من يريد أن يقتنى سيارة جديدة أو يشترى شقة جديدة، إذا انتظر وترك هذه الموجة من ارتفاع الأسعار غير الحقيقية، فبالتأكيد ستتراجع الأسعار وسيعود البائع إلى رشده بعد أن أصابه جنون ارتفاع الأسعار ووهم جنى الأرباح.
فالعقارات بالفعل أسعارها ارتفعت، ولكن أصبحت كلها أسعارا دفترية لا تمت للواقع بصلة بدليل الركود الذى أصاب حركة البيع والشراء فى السوق العقارية، فكل صاحب عقار يفرح بارتفاع سعر وحدته ولكن عندما يريد بيعها لا يستطيع.. كذلك الحال بالنسبة للسيارات التى وصلت لأسعار فوق مستوى الخيال، جعلت من حركة البيع والشراء تزحف كالسلحفاة.
رسالة لكل مواطن.. اهجر السلع غير الضرورية، والشىء الذى يزيد سعره عليك اتركه، ولا تقبل على شراء أى شىء سوى الضرورى، وإذا اشتريت فقلل من كمية استهلاكك.
فهذه الفترة ستجبرنا على تعلم الترشيد الحقيقى، وستعلمنا كيف نصون النعم التى حولنا، وكيف ندخر أموالنا، ستعلمنا عدم الهدر وعدم إلقاء المأكولات فى القمامة وعدم إفساد الطعام بالبطر والتكبر والتعالى على نعم المولى عز وجل وعلى ما يقدم إلينا.
العالم كله، وليس مصر وحدها، يمر بفترة استثنائية تشهد تضخما عالميا وارتفاعا فى أسعار كل السلع، وهذه الفترة الاستثنائية تتطلب منا نحن المواطنين إجراءات استثنائية، وعناية فى الشراء، واختيار السلع الضرورية، وهجر السلع المبالغ فى أسعارها، تتطلب منا الشراء وقت الحاجة فقط، والترشيد فى الاستهلاك، وتقليل الكميات.
نحن لا نريد الخسارة للتجار، فكما يوجد منهم الفاسد فمنهم أيضا الشريف الذى ارتفعت عليه تكاليف الإنتاج، لكننا نحاول ترويض التجار الفاسدين الذين استغلوا تلك الظروف الاستثنائية الصعبة وأرادوا أن يضاعفوا أرباحهم ويضخموا أموالهم على حساب المواطن البسيط، هؤلاء سيتراجعون ويتقهقرون ويعودون للأسعار المناسبة إذا تم الضغط عليهم بالاستغناء عن سلعهم أو على أقل تقدير بالإقلال من كميات شراء تلك السلع.