الإيكونوميست المصرية
أردوغان وأوهام بنى عثمان……بقلم:محمد فاروق

أردوغان وأوهام بنى عثمان……بقلم:محمد فاروق


بقلم: محمد فاروق
الرئيس التركى أردوغان منذ أن خدعه الإخوان وأقنعوه بأنه “خليفة المسلمين”، يتصرف من هذا المنطلق الواهم ويلبس عباءة فضفاضة عليه تفوقه حجما، مدعما بأطماع شخصية ومصالح إخوانية فى المنطقة.
فهاهو يعيث فى المنطقة فسادا، فتارة يغزو بقواته شمال العراق، وتارة أخرى يقتحم الأراضى السورية متذرعا بمحاربة الأكراد هناك، والآن يقطع أكثر من 1500 كيلو متر لدولة لا تربطه بأراضيها أية حدود لمد أذرعه إلى ليبيا وإرسال قواته العسكرية بحجة دعم حكومة الوفاق الليبى بقيادة فايز السراج لمواجهة الجيش الوطنى الليبى بقيادة خليفة حفتر.
فالبلطجة التركية تتخطى كل الحدود، وتتجاهل كل التحذيرات والتنديدات الدولية التى أطلقهتا جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى وأمريكا وروسيا، وغيرها، أى العالم كله.
إلا أن أردوغان لا ينتبه سوى لصوت الجشع بداخله، فمطامعه فى المنطقة تتجلى بوضوح ولا تحتاج إلى مساعدة لكشفها، فهو نفسه لم يستطع أن يخفيها حين استشهد فى حديثه عن الزحف نحو ليبيا بالبحارة العثمانى “خير الدين بربروس” الذى يعد أحد أبرز القادة البحريين الذين ساهموا فى سيطرة العثمانيين على بعض أراضى شمال أفريقيا ومنطقة البحر المتوسط.
وقالها أردوغان علانية: “ها نحن بصدد اتخاذ خطوات جديدة ومختلفة فى كل من ليبيا وشرق البحر المتوسط، ونأمل فى أن يحقق جنودنا ملاحم بطولية كتلك التى حققها أمير البحارة العثمانيين خير الدين بربروس”.
كلام واضح وصريح، يؤكد أن هدف أردوغان ليس إنقاذ ليبيا كما يدعى أو نشر الأمن والسلام فى المنطقة، بل التوسع وفرض السيطرة ليس من خلال احتلال الأراضى كما كان يحدث فى الماضى ولكن باتباع الأسلوب الجديد عن طريق الهيمنة على الدول ونهب أموالها وسلب مقدراتها من وراء ستار مساعدة شعوبها.
فعيون أردوغان لايغادرها بريق النهم ولا لمعة الشره عندما يتحدث عن خيرات الآخرين خاصة الدول العربية حين تكون سانحة له ومهيأة بسبب ضعف يصيبها أو توتر يضرب أراضيها، فدخوله ليبيا يحقق له مصالح عدة؛ فالاتفاق بين أردوغان والسراج يتيح لتركيا التمسك بمطالب سيادتها المزعومة على مساحات فى شرق البحر المتوسط الغنى بموارد الطاقة ومواجهة دول المتوسط فى هذا الملف الشائك، بالإضافة إلى الحفاظ على المكاسب الاقتصادية التركية فى ليبيا خاصة فى قطاع المقاولات والبناء، إلى جانب التغطية على الصعوبات الاقتصادية التى تعيشها تركيا، وتحقيق مكاسب سياسية فى الداخل التركى بعد تعرض حزب أردوغان مؤخرا لهزات انتخابية عنيفة.
بالإضافة إلى أن ما يقوم به الرئيس التركى حاليا فى ليبيا عبارة عن تغطية سياسية على مساعداته التى يقدمها لـ “الإخوان” فى طرابلس منذ سنوات عديدة.
وكعادته يستخدم أردوغان الجنسيات الأخرى والمرتزقة فى مثل تلك العمليات، فالمنظمة العربية لحقوق الإنسان فى بريطانيا أبرزت الدور التركى فى تقديم دعم عسكرى ومالى وتجنيد مرتزقة من سوريا لدعم ميليشيات حكومة السراج فى طرابلس، وقالت إن أردوغان فتح الباب أمام الميليشيات المسلحة فى شمال سوريا للانضمام إلى حكومة السراج فى ليبيا مقابل أجر مادى، وأن أول ميليشيا للمرتزقة التى تقرر إرسالها إلى ليبيا هى “لواء السلطان مراد” التركمانى الذى أسسته المخابرات التركية، وهو عبارة عن تنظيم نواته عناصر تركمانية ذات أيديولوجيا قومية لضمان الولاء لتركيا، وهذه الميليشيا متورطة فى العديد من العمليات الدموية بسوريا وارتكاب المجازر ضد سكانها.
إذن أنا لا أتعجب من تصرفات أردوغان تلك، فهو كائن طماع يسعى لتحقيق مصالحه ولو على حساب دماء الشعوب الأخرى، ولكن ما أتعجب منه هو أن ينخدع فيه بعض الناس، رغم تجلى جشعه ووضوح أطماعه، فإذا كانت هذه التصرفات التركية لنصرة ليبيا، فلماذا لم يتحرك أردوغان بقواته لدعم الفلسطينيين المقهورين منذ عشرات السنين؟

Related Articles