الإيكونوميست المصرية
التعليم الفنى ومستقبل التنمية – بقلم جمال بسيونى

التعليم الفنى ومستقبل التنمية – بقلم جمال بسيونى

سعدنا وسعد الكثيرون بوضع الرئيس حجر أساس مشروع المدينة النسيجية التى ستقام بالتعاون مع الصين بمدينة السادات، فالمشروع كبير ومواكب لخطط التنمية التى أعطت الأولوية للصناعات التى تعتمد على المواد الخام الأولية المتوافرة بالدولة لرفع القيمة والعائد منها، وتشغيل المزيد من الأيدى العاملة.
والسؤال الذى دار فى ذهنى حين استمعت لشرح المسئولين عن المشروع وحجم الاستثمارات التى سيتطلبها تشغيله والمساحة الضخمة التى يشغلها وأعداد العاملين التى من المنتظر أن تعمل بهذا المشروع، هل استعدت وزارة التربية والتعليم الفنى لتأهيل الأعداد المطلوبة من الفنيين لنوعية هذه الصناعة؟ أم سننتظر حتى قيام المشروع ثم نشتكى من عدم وجود عمالة مؤهلة فتضطر الشركة والمستثمر لاستقدام عمالة من بلاد شرق آسيا مثل بنجلاديش والهند والصين؟
أتمنى أن يكون هناك تنسيق كامل بين وزارة الصناعة والتجارة الخارجية وبين وزارة التربية والتعليم حيث إن خريجى المدارس الفنية غير مؤهلين لسوق العمل فنيا بل أن الكثير منهم يحصل على شهادة إتمام الدراسة وهو لا يجيد الكتابة.
إن طموح الدولة والمسئولين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية والوزيران النشيطان وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى ووزير الصناعة والتجارة، وقناعتهم بأن التنمية الصناعية هى قاطرة التنمية، وماتحقق على أرض الواقع، وما أظهرته مؤشرات التنمية بتحقيق القطاع الصناعى لأعلى نسبة نمو فى العام الماضى، يستلزم بالضرورة الإسراع بإقامة مدارس فنية متخصصة تقوم بتأهيل أعداد كبيرة من الفنيين، وبتدريس المناهج الحديثة والتخصصات المطلوبة لإقامة صناعة وطنية جيدة وذات سمعة لاتقل عن مثيلاتها من دول العالم المتقدمة.
فيجب التوسع فى إقامة المدارس الصناعية النسيجية والميكانيكية المزودة بأحدث الأنوال والماكينات التى تماثل تلك التى سيعمل عليها الطالب بعد تخرجه، وكذلك المدارس الفنية التجارية التى تؤهل خريجيها فى تخصصات المخازن واللوجستيات وما تستلزمه من تعلم برامج المخازن التى لا غنى عنها فى أى منشآت تجارية كانت أو صناعية، وكذلك تخصصات المبيعات والبرامج الحديثة التى يتطلبها ذلك التخصص، وإذا كنا نطمح للدخول فى مجال صناعة السيارات التى كنا قد قطعنا فيها شوطا كبيرا ثم أهملناها حتى سبقتنا فيها العديد من الدول التى بدأت بعدنا بوقت طويل، فيجب من الآن الاستعداد لتأهيل الفنيين المطلوبين لتلك الصناعة وتدريبهم على أحدث الأجهزة.
إن تجربة مؤسسة مصر الخير فى ابتعاث الطلاب إلى إيطاليا وألمانيا والصين لتعلم أحدث العلوم فى التخصصات التكنولوجية الحديثة واللوجيستيات، والاستفادة من هؤلاء المبتعثين فى التدريس بالمدارس التى أقامتها المؤسسة فى العديد من المدن لنقل المهارات التى تعلموها إلى الأجيال الجديدة، يجب أن يتم تعميمها والاستفادة منها لإقامة المزيد من المدارس لتأهيل الموارد البشرية المطلوبة لخطة التنمية التى تستهدف القضاء على البطالة والاستفادة من الموقع الجغرافى لمصر فى مجال النقل والخدمات اللوجيستية فى منطقة قناة السويس، والاستفادة الكاملة من المواد الخام المصرية لرفع العائد منها وذلك بتصنيع ما تحتاجه البلاد من منتجات وتوطين التكنولوجيا والمنافسة على السوق الأفريقية والعربية بتصدير الفائض من تلك المنتجات.
لا أعتقد أن هناك وقتا لنضيعه، فيجب البدء فورا بالاستثمار فى مجال التعليم الفنى بالتعاون مع القطاع الصناعى الذى يمكن أن يوفر بعض الأماكن الشاغرة فى منشآته لإقامة مراكز تدريب وتعليم بالتعاون مع الوزارة والجهات الدولية المانحة فى هذا المجال.

Related Articles